للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الزهو، وخيرا لي في صلاتي، وسنة للمؤمن.

وقال عبد بن حميد: ثنا محمد بن عبيد ثنا المختار بن نافع عن أبى مطر قال: خرجت من المسجد فإذا رجل ينادى من خلفي: ارفع إزارك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لك، وخذ من رأسك إن كنت مسلما، فمشيت خلفه وهو مؤتزر بإزار ومرتد برداء ومعه الدرة كأنه أعرابى بدوي فقلت: من هذا؟ فقال لي رجل: أراك غريبا بهذا البلد. فقلت: أجل أنا رجل من أهل البصرة، فقال: هذا على بن أبى طالب أمير المؤمنين حتى انتهى إلى دار بنى أبى معيط وهو يسوق الإبل، فقال: بيعوا ولا تحلفوا فان اليمين تنفق السلعة وتمحق البركة، ثم أتى أصحاب التمر فإذا خادم تبكى فقال: ما يبكيك؟ فقالت: باعني هذا الرجل تمرا بدرهم فرده موالي فأبى أن يقبله، فقال له على: خذ تمرك وأعطها درهمها فإنها ليس لها أمر، فدفعه، فقلت: أتدري من هذا؟ فقال:

لا فقلت: هذا على بن أبى طالب أمير المؤمنين، فصبت تمره وأعطاها درهمها. ثم قال الرجل: أحب أن ترضى عنى يا أمير المؤمنين، قال: ما أرضانى عنك إذا أوفيت الناس حقوقهم، ثم مر مجتازا بأصحاب التمر فقال: يا أصحاب التمر أطعموا المساكين يرب كسبكم. ثم مر مجتازا ومعه المسلمون حتى انتهى إلى أصحاب السمك فقال: لا يباع في سوقنا طافى. ثم أتى دار فرات - وهي سوق الكرابيس - فأتى شيخا فقال: يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم، فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، ثم آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم وكمه ما بين الرسغين إلى الكعبين يقول في لبسه: الحمد لله الّذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتي. فقيل له:

يا أمير المؤمنين هذا شيء ترويه عن نفسك أو شيء سمعته من رسول الله ؟ فقال: لا! بل شيء سمعته من رسول الله يقوله عند الكسوة. فجاء أبو الغلام صاحب الثوب فقيل له: يا فلان قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم، قال: أفلا أخذت منه درهمين؟ فأخذ منه أبوه درهما ثم جاء به إلى أمير المؤمنين وهو جالس مع المسلمين على باب الرحبة فقال: أمسك هذا الدرهم.

فقال: ما شأن هذا الدرهم؟ فقال إنما ثمن القميص درهمين، فقال: باعني رضاي وأخذ رضاه.

وقال عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الشعبي قال: وجد على بن أبى طالب درعه عند رجل نصراني فأقبل به إلى شريح يخاصمه، قال: فجاء على حتى جلس جنب شريح وقال: يا شريح لو كان خصمي مسلما ما جلست إلا معه، ولكنه نصراني وقد قال رسول الله : «إذا كنتم وإياهم في طريق فاضطروهم إلى مضايقه، وصغروا بهم كما صغر الله بهم من غير أن تطغوا» ثم قال: هذا الدرع درعي ولم أبع ولم أهب، فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت شريح إلى على فقال: يا أمير المؤمنين هل من بينة؟ فضحك على وقال أصاب شريح، ما لي بينة، فقضى بها شريح للنصراني، قال فأخذه النصراني

<<  <  ج: ص:  >  >>