للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَيْهِ النَّوْحَ شَهْرًا. وَقَالَ الواقدي: وحدثنا عبدة بنت نائل عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَدَّ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ سَنَةً. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ كَثِيرَ نِكَاحِ النِّسَاءِ، وَكَانَ قَلَّ مَا يَحْظَيْنَ عنده، وكان قل امرأة تزوجها إلا أحبته وضنت به، فيقال إنه كان سقى سما، ثُمَّ أَفْلَتَ، ثُمَّ سُقِيَ فَأَفْلَتَ ثُمَّ كَانَتِ الْآخِرَةُ تُوُفِّيَ فِيهَا، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ الطبيب وهو يختلف إليه: هذا رجل قَطَّعَ السُّمُّ أَمْعَاءَهُ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَخْبِرْنِي مَنْ سَقَاكَ؟ قَالَ: وَلِمَ يَا أَخِي؟ قَالَ: أَقْتُلُهُ وَاللَّهِ قَبْلَ أَنْ أَدْفِنَكَ ولا أَقْدِرَ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ بِأَرْضٍ أَتَكَلَّفُ الشُّخُوصَ إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا أَخِي إِنَّمَا هَذِهِ الدُّنْيَا لَيَالٍ فَانِيَةٌ، دَعْهُ حَتَّى أَلْتَقِيَ أَنَا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ، وَأَبَى أَنْ يُسَمِّيَهُ. وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ مِنْ يَقُولُ: كَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ تَلَطَّفَ لِبَعْضِ خَدَمِهِ أَنْ يَسْقِيَهُ سُمًّا. قَالَ مُحَمَّدُ بن سعد: وأنا يحيى بن حمال أَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أُمِّ مُوسَى أَنَّ جَعْدَةَ بِنْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ سَقَتِ الْحَسَنَ السُّمَّ فَاشْتَكَى مِنْهُ شَكَاةً، قَالَ فكان يوضع تحته طشت وَيُرْفَعُ آخَرُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بَعْثَ إِلَى جَعْدَةَ بِنْتِ الْأَشْعَثِ أَنْ سُمِّي الْحَسَنَ وَأَنَا أَتَزَوَّجُكِ بَعْدَهُ، فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بَعَثَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ لَمْ نَرْضَكِ لِلْحَسَنِ أفترضاك لِأَنْفُسِنَا؟ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَعَدَمُ صِحَّتِهِ عَنْ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ بِطَرِيقِ الْأُولَى وَالْأَحْرَى، وقد قال كثير نمرة في ذلك:

يا جعد بكيّه ولا نسأمى ... بُكَاءَ حَقٍّ لَيْسَ بِالْبَاطِلِ

لَنْ تَسْتُرِي الْبَيْتَ عَلَى مَثَلِهِ ... فِي النَّاسِ مِنْ حَافٍ وَلَا نَاعِلِ

أَعْنَى الَّذِي أَسْلَمَهُ أَهْلُهُ ... لِلزَّمَنِ الْمُسْتَخْرَجِ الْمَاحِلِ

كَانَ إِذَا شَبَّتْ لَهُ نَارُهُ ... يَرْفَعُهَا بِالنَّسَبِ الْمَاثِلِ

كَيْمَا يَرَاهَا بَائِسٌ مُرْمِلٌ ... أَوْ فرد قوم ليس بالآهل

تغلي بنىّ اللحم حتى إذا ... أنضج لم تغل عَلَى آكِلِ

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رقبة بن مصقلة قال: لما احتضر الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْرِجُونِي إِلَى الصَّحْنِ انظر في ملكوت السموات. فَأَخْرَجُوا فِرَاشَهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ فَقَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ فَإِنَّهَا أَعَزُّ الْأَنْفُسِ عَلَيَّ، قَالَ: فَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ أَنَّهُ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عِنْدَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَمَّا اشْتَدَّ بِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ الْمَرَضَ جَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: مَا هَذَا الْجَزَعُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ تَقْدَمُ عَلَى رَبٍّ عَبَدْتَهُ سِتِّينَ سَنَةً، صُمْتَ لَهُ، صَلَّيْتَ لَهُ، حَجَجْتَ له، قال فسرى عن الثوري. وقال أَبُو نُعَيْمٍ: لَمَّا اشْتَدَّ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَجَعُ جَزِعَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا هَذَا الْجَزَعُ؟ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تُفَارِقَ رُوحُكَ جَسَدَكَ فَتَقْدَمَ على

<<  <  ج: ص:  >  >>