للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا العام.

وقال محمد بن سعد عن هودة بن خليفة عن عوف عن محمد بن سيرين قال: لما دخل معاوية الكوفة وبايعه الحسن بن على قال أصحاب معاوية لمعاوية: مر الحسن بن على أن يخطب، فإنه حديث السن عيى، فلعله يتلعثم فيتضع في قلوب الناس. فأمره فقام فاختطب فقال في خطبته:

«أيها الناس لو اتبعتم بين جابلق وجابرس رجلا جده نبي غيري وغير أخى لم تجدوه، وإنا قد أعطينا بيعتنا معاوية ورأينا أن حقن دماء المسلمين خير من إهراقها، والله ما أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين» - وأشار إلى معاوية - فغضب من ذلك وقال: ما أردت من هذه؟ قال: أردت منها ما أراد الله منها. فصعد معاوية وخطب بعده. وقد رواه غير واحد وقدمنا أن معاوية عتب على أصحابه.

وقال محمد بن سعد: ثنا أبو داود الطيالسي: ثنا شعبة عن يزيد قال: سمعت جبير بن نفير الحضرميّ يحدث عن أبيه قال: قلت للحسن بن على: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة؟ فقال: كانت جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله، ثم أثيرها ثانيا من أهل الحجاز.

وقال محمد بن سعد: أنا على بن محمد عن إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم قال: دخل رجل على الحسن بن على وهو بالمدينة وفي يده صحيفة فقال: ما هذه؟ فقال: ابن معاوية يعدنيها ويتوعد، قال: قد كنت على النّصف منه، قال: أجل ولكن خشيت أن يجئ يوم القيامة سبعون ألفا، أو ثمانون ألفا، أو أكثر أو أقل، تنضح أوداجهم دما، كلهم يستعدى الله فيم هريق دمه. وقال الأصمعي عن سلام بن مسكين عن عمران بن عبد الله. قال: رأى الحسن بن على في منامه أنه مكتوب بين عينيه، ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ ففرح بذلك فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فقال:

إن كان رأى هذه الرؤيا فقلّ ما بقي من أجله. قال: فلم يلبث الحسن بن على بعد ذلك إلا أياما حتى مات.

وقال أبو بكر بن أبى الدنيا: حدثنا عبد الرحمن بن صالح العتكيّ ومحمد بن عثمان العجليّ قالا:

ثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق. قال: دخلت أنا ورجل آخر من قريش على الحسن ابن على فقام فدخل المخرج ثم خرج فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود، ولقد سقيت السم مرارا وما سقيت مرة هي أشد من هذه. قال: وجعل يقول لذلك الرجل: سلني قبل أن لا تسألنى، فقال ما أسألك شيئا يعافيك الله، قال: فخرجنا من عنده ثم عدنا إليه من الغد. وقد أخذ في السوق فجاء حسين حتى قعد عند رأسه، فقال: أي أخى! من صاحبك؟ قال: تريد قتله، قال:

نعم! قال لئن كان صاحبي الّذي أظن لله أشد نقمة.

وفي رواية: فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا، وإن لم يكنه ما أحب أن تقتل بى بريئا. ورواه محمد بن سعد عن ابن علية عن ابن عون. وقال محمد بن عمر الواقدي: حدثني عبد الله بن جعفر عن أم بكر بنت المسور. قالت: الحسن سقى مرارا كل ذلك يفلت منه، حتى كانت المرة الآخرة التي مات فيها فإنه كان يختلف كبده، فلما مات أقام

<<  <  ج: ص:  >  >>