أو أعان على قتله. فقام حجر كما كان يقوم في أيام المغيرة، وتكلم بنحو مما قال للمغيرة، فلم يعرض له زياد، ثم ركب زياد إلى البصرة، وأراد أن يأخذ حجرا معه إلى البصرة لئلا يحدث حدثا، فقال:
إني مريض، فقال: والله إنك لمريض الدين والقلب والعقل، والله لئن أحدثت شيئا لأسعين في قتلك، ثم سار زياد إلى البصرة فبلغه أن حجرا وأصحابه أنكروا على نائبة بالكوفة - وهو عمرو بن حريث - وحصبوه وهو على المنبر يوم الجمعة، فركب زياد إلى الكوفة فنزل في القصر ثم خرج إلى المنبر وعليه قباء سندس، ومطرف خز أحمر، قد فرق شعره، وحجر جالس وحوله أصحابه أكثر ما كانوا يومئذ، وكان من لبس من أصحابه يومئذ نحو من ثلاثة آلاف، وجلسوا حوله في المسجد في الحديد والسلاح، فخطب زياد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فان غب البغي والغي وخيم، وإن هؤلاء أمنونى فاجترءوا على، وايم الله لئن لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم، ثم قال: ما أنا بشيء إن لم أمنع ساحة الكوفة من حجر وأصحابه وأدعه نكالا لمن بعده، ويل أمك يا حجر، سقط بك العشاء على سرحان. ثم قال:
أبلغ نصيحة أن راعى إبلها … سقط العشاء به على سرحان
وجعل زياد يقول في خطبته: إن من حق أمير المؤمنين - يعنى كذا وكذا - فأخذ حجر كفا حصباء فحصبه وقال: كذبت! عليك لعنة الله. فانحدر زياد فصلى، ثم دخل القصر واستحضر حجرا، ويقال إن زيادا لما خطب طول الخطبة وأخر الصلاة فقال له حجر: الصلاة، فمضى في خطبته، فلما خشي فوت الصلاة عمد إلى كف من حصباء ونادى الصلاة، وثار الناس معه، فلما رأى ذلك زياد نزل فصلى بالناس، فلما انصرف من صلاته كتب إلى معاوية في أمره وكثر عليه، فكتب إليه معاوية: أن شده في الحديد واحمله إلى، فبعث إليه زياد والى الشرطة - وهو شداد بن الهيثم - ومعه أعوانه فقال له: إن الأمير يطلبك، فامتنع من الحضور إلى زياد، وقام دونه أصحابه، فرجع الوالي إلى زياد فأعلمه، فاستنهض زياد جماعات من القبائل فركبوا مع الوالي إلى حجر وأصحابه فكان بينهم قتال بالحجارة والعصي، فعجزوا عنه، فندب محمد بن الأشعث وأمهله ثلاثا وجهز معه جيشا، فركبوا في طلبه ولم يزالوا حتى أحضروه إلى زياد، وما أغنى عنه قومه ولا من كان يظن أن ينصره فعند ذلك قيده زياد وسجنه عشرة أيام وبعث به إلى معاوية، وبعث معه جماعة يشهدون عليه أنه سب الخليفة، وأنه حارب الأمير، وأنه يقول: إن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل على بن أبى طالب.
وكان من جملة الشهود عليه أبو بردة بن أبى موسى، ووائل بن حجر، وعمر بن سعد بن أبى وقاص، وإسحاق، وإسماعيل، وموسى بنو طلحة بن عبيد الله، والمنذر بن الزبير، وكثير بن شهاب، وثابت بن ربعي، في سبعين ويقال: إنه كتبت شهادة شريح القاضي فيهم، وإنه أنكر ذلك وقال: