للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البحيرات المجتمعة من الأنهار وغيرها من السيول وهي البطائح * وذكروا ما في الأرض من الأنهار المشهورة الكبار، وذكروا ابتداءها وانتهاءها ولسنا بصدد بسط ذلك والتطويل فيه وانما نتكلم على ما يتعلق بالأنهار الوارد ذكرها في الحديث. وقد قال الله تعالى ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ * وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ﴾

ففي الصحيحين من طريق قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن رسول الله لما ذكر سدرة المنتهى قال فإذا يخرج من أصلها نهران باطنان ونهران ظاهران. فاما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهر ان فالنيل والفرات * وفي لفظ في البخاري وعنصرهما أي مادتهما أو شكلهما وعلى صفتهما ونعتهما وليس في الدنيا مما في الجنة الا سماوية (١)

وفي صحيح مسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبى هريرة أن رسول الله قال «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة»

وقال الامام أحمد حدثنا ابن نمير ويزيد أنبأنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال رسول «فجرت أربعة أنهار من الجنة الفرات والنيل وسيحان وجيحان» وهذا اسناد صحيح على شرط مسلم. وكأن المراد والله أعلم من هذا ان هذه الأنهار تشبه انهار الجنة في صفائها وعذوبتها وجريانها ومن جنس تلك في هذه الصفات ونحوها كما قال في الحديث الآخر الّذي

رواه الترمذي وصححه من طريق سعيد بن عامر عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن رسول الله قال «العجوة من الجنة وفيها شفاء من السمّ» اى تشبه ثمر الجنة لا أنها مجتناة من الجنة، فان الحس يشهد بخلاف ذلك فتعين أن المراد غيره وكذا

قوله «الحمى من فيح جهنم فأبرودها بالماء» وكذا

قوله «إذا اشتد الحمى فأبردوها بالماء فان شدة الحر من فيح جهنم» * وهكذا هذه الأنهار أصل منبعها مشاهد من الأرض *

أما النيل. وهو النهر الّذي ليس في أنهار الدنيا له نظير في خفته ولطافته وبعد مسراه فيما بين مبتدئه الى منتهاه فمبتداه من الجبال القمر (٢) أي البيض ومنهم من يقول جبال القمر بالإضافة الى الكوكب وهي في غربي الأرض وراء خط الاستواء الى الجانب الجنوبي. ويقال انها حمر ينبع من بينها عيون * ثم يجتمع من عشر مسيلات متباعدة. ثم يجتمع كل خمسة منها في بحر. ثم يخرج منها أنهار ستة. ثم يجتمع كلها في بحيرة أخرى. ثم يخرج منها نهر واحد هو النيل فيمر على بلاد السودان


(١) كذا بالأصول
(٢) هذا يؤيد قول الثقات الّذي نقلناه عن الأستاذ زكى باشا فيما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>