للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كتابا يا ابن حرب كتبته … على طمع جان عليك الدواهيا

سألت عليا فيه ما لا تناله … ولو نلته لم يبق إلا لياليا

إلى أن ترى منه الّذي ليس بعدها … بقاء فلا تكثر عليك الأمانيا

ومثل على تغترره بخدعة … وقد كان ما خربت من قبل بانيا

ولو نشبت أظفاره فيك مرة … فراك ابن هند بعد ما كنت فاريا

وقد ورد من غير وجه أن أبا مسلم الخولانيّ وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له: أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟ فقال: والله إني لأعلم أنه خير منى وأفضل، وأحق بالأمر منى، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً، وأنا ابن عمه، وأنا أطلب بدمه وأمره إلى؟ فقولوا له: فليسلم إلى قتلة عثمان وأنا أسلم له أمره. فأتوا عليا فكلموه في ذلك فلم يدفع إليهم أحدا، فعند ذلك صمم أهل الشام على القتال مع معاوية.

وعن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن عامر الشعبي وأبى جعفر الباقر.

قال: بعث على رجلا إلى دمشق ينذرهم أن عليا قد نهد في أهل العراق إليكم ليستعلم طاعتكم لمعاوية، فلما قدم أمر معاوية فنودي في الناس: الصلاة جامعة، فملئوا المسجد ثم صعد المنبر فقال في خطبته: إن عليا قد نهد إليكم في أهل العراق فما الرأى؟ فضرب كل منهم على صدره، ولم يتكلم أحد منهم، ولا رفعوا إليه أبصارهم، وقام ذو الكلاع فقال: يا أمير المؤمنين عليك الرأى وعلينا الفعال، ثم نادى معاوية في الناس: أن اخرجوا إلى معسكركم في ثلاث، فمن تخلف بعدها فقد أحل بنفسه، فاجتمعوا كلهم، فركب ذلك الرجل إلى على فأخبره، فأمر على مناديا فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعوا فصعد المنبر فقال: إن معاوية قد جمع الناس لحربكم، فما الرأى؟ فقال كل فريق منهم مقالة، واختلط كلام بعضهم في بعض، فلم يدر على مما قالوا شيئا، فنزل عن المنبر وهو يقول:

﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ،﴾ ذهب والله بها ابن آكلة الأكباد. ثم كان من أمر الفريقين بصفين ما كان، كما ذكرناه مبسوطا في سنة ست وثلاثين. وقد قال أبو بكر بن دريد: أنبأنا أبو حاتم عن أبى عبيدة. قال قال معاوية: لقد وضعت رجلي في الركاب وهممت يوم صفين بالهزيمة، فما منعني إلا قول ابن الاطنابة حيث يقول: -

أبت لي عفتي وأبى بلائي … وأخذى الحمد بالثمن الربيح

وإكراهى على المكروه نفسي … وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاشت … مكانك تحمدي أو تستريحي

وروى البيهقي عن الامام أحمد أنه قال: الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، فقيل له: فمعاوية؟ قال: لم يكن أحد أحق بالخلافة في زمان على من على، ورحم الله معاوية. وقال على بن المديني:

<<  <  ج: ص:  >  >>