اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ * وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ * الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ يحذرهم ولى الله إن كذبوا برسول الله موسى أن يحل بهم ما حل بالأمم من قبلهم من النقمات والمثلات مما تواتر عندهم وعند غيرهم ما حل بقوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم الى زمانهم ذلك مما أقام به الحجج على أهل الأرض قاطبة في صدق ما جاءت به الأنبياء لما انزل من النقمة بمكذبيهم من الأعداء وما أنجى الله من اتبعهم من الأولياء وخوفهم يوم القيامة وهو يوم التناد أي حين ينادى الناس بعضهم بعضا حين يولون ان قدروا على ذلك ولا الى ذلك سبيل ﴿يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلاّ لا وَزَرَ * إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ وقال تعالى ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اِسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ وقرأ بعضهم ﴿يَوْمَ التَّنادِ﴾ بتشديد الدال أي يوم الفرار ويحتمل أن يكون يوم القيامة ويحتمل ان يكون يوم يحل الله بهم البأس فيودون الفرار ولات حين مناص ﴿فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَاِرْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ﴾ ثم أخبرهم عن نبوة يوسف في بلاد مصر ما كان منه من الإحسان الى الخلق في دنياهم وأخراهم وهذا من سلالته وذريته ويدعو الناس الى توحيد الله وعبادته وأن لا يشركوا به أحدا من بريته وأخبر عن أهل الديار المصرية في ذلك الزمان أي من سجيتهم التكذيب بالحق ومخالفة الرسل ولهذا قال ﴿فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً﴾ أي وكذبتم في هذا ولهذا قال ﴿كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ * الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ﴾ أي يريدون حجج الله وبراهينه ودلائل توحيده بلا حجة ولا دليل عندهم من الله فان هذا أمر يمقته الله غاية المقت أي يبغض من تلبس به من الناس ومن اتصف به من الخلق ﴿كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ﴾ قرئ بالإضافة وبالنعت وكلاهما متلازم أي هكذا إذا خالفت القلوب الحق ولا تخالفه الا بلا برهان فان الله يطبع عليها أي يختم عليها. ﴿وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ اِبْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ * أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاّ فِي تَبابٍ﴾ كذب فرعون موسى ﵇ في دعواه أن الله أرسله وزعم فرعون لقومه ما كذبه وافتراه في قوله لهم ﴿ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ﴾ وقال هاهنا ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ * أَسْبابَ السَّماواتِ﴾ أي طرقها ومسالكها ﴿فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً﴾ ويحتمل هذا معنيين أحدهما وانى لأظنه