هذا. وقال أبو عمرو بن العلاء قال معاوية: ما يسرني بذل الكرم حمر النعم. وقال: ما يسرني بذل الحلم عز النصر. وقال بعضهم: قال معاوية: يا بنى أمية فارقوا قريشا بالحلم، فو الله لقد كنت ألقى الرجل في الجاهلية فيوسعنى شتما وأوسعه حلما، فأرجع وهو لي صديق، إن استنجدته أنجدنى، وأثور به فيثور معى، وما وضع الحلم عن شريف شرفه، ولا زاده إلا كرما وقال: آفة الحلم الذل.
وقال: لا يبلغ الرجل مبلغ الرأى حتى يغلب حلمه جهله، وصبره شهوته، ولا يبلغ الرجل ذلك إلا بقوة الحلم. وقال عبد الله بن الزبير: لله در ابن هند، إن كنا لنفرقه وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه فيتخادع لنا، والله لوددت أنا متعنا به ما دام في هذا الجبل حجر - وأشار إلى أبى قبيس - وقال رجل لمعاوية: من أسود الناس؟ فقال: أسخاهم نفسا حين يسأل، وأحسنهم في المجالس خلقا، وأحلمهم حين يستجهل. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: كان معاوية يتمثل بهذه الأبيات كثيرا.
فما قتل السفاهة مثل حلم … يعود به على الجهل الحليم
فلا تسفه وإن ملّئت غيظا … على أحد فان الفحش لوم
ولا تقطع أخا لك عند ذنب … فان الذنب يغفره الكريم
[وقال القاضي الماوردي في الأحكام السلطانية: وحكى أن معاوية أتى بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد من بينهم، فقال:
يميني أمير المؤمنين أعيذها … بعفوك أن تلقى مكانا يشينها
يدي كانت الحسناء لو تم سترها … ولا تعدم الحسناء عيبا يشيبها
فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة … إذا ما شمالي فارقتها يمينها
فقال معاوية: كيف أصنع بك؟ قد قطعنا أصحابك؟ فقالت أم السارق: يا أمير المؤمنين! اجعلها في ذنوبك التي تتوب منها. فخلى سبيله، فكان أول حد ترك في الإسلام] (١). وعن ابن عباس أنه قال: قد علمت بم غلب معاوية الناس، كانوا إذا طاروا وقع، وإذ وقع طاروا، وقال غيره: كتب معاوية إلى نائبة زياد: إنه لا ينبغي أن يسوس الناس سياسة واحدة باللين فيمرحوا، ولا بالشدة فيحمل الناس على المهالك، ولكن كن أنت للشدة والفظاظة والغلظة، وأنا للين والألفة والرحمة، حتى إذا خاف خائف وجد بابا يدخل منه. وقال أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز. قال:
قضى معاوية عن عائشة أم المؤمنين ثمانية عشر ألف دينار، وما كان عليها من الدين الّذي كانت تعطيه الناس. وقال هشام بن عروة عن أبيه. قال: بعث معاوية إلى أم المؤمنين عائشة بمائة ألف