للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبغض عثمان فذاك خصمه الرحمن، ومن أبغض عليا فذاك خصمه النبي، ومن أبغض معاوية سحبته الزبانية، إلى جهنم الحامية، يرمى به في الحامية الهاوية.

وقال بعضهم: رأيت رسول الله وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ومعاوية، إذ جاء رجل فقال عمر: يا رسول الله هذا يتنقصنا، فكأنه انتهره رسول الله ، فقال: يا رسول الله إني لا أتنقص هؤلاء ولكن هذا - يعنى معاوية - فقال:

«ويلك! أو ليس هو من أصحابى؟ قالها ثلاثا، ثم أخذ رسول الله حربة فناولها معاوية فقال:

جا بها (١) في لبته» فضربه بها وانتهبت فبكرت إلى منزلي فإذا ذلك الرجل قد أصابته الذبحة من الليل ومات، وهو راشد الكندي. وروى ابن عساكر عن الفضيل بن عياض أنه كان يقول: معاوية من الصحابة، من العلماء الكبار، ولكن ابتلى بحب الدنيا. وقال العتبى: قيل لمعاوية أسرع إليك الشيب؟ فقال: كيف لا ولا أزال أرى رجلا من العرب قائما على رأسي يلقح لي كلاما يلزمني جوابه، فان أصبت لم أحمد، وإن أخطأت سارت بها البرود. وقال الشعبي وغيره: أصابت معاوية في آخر عمره لوقة [وروى ابن عساكر في ترجمة خديج الخصى مولى معاوية قال: اشترى معاوية جارية بيضاء جميلة فأدخلتها عليه مجردة، وبيده قضيب، فجعل يهوى به إلى متاعها - يعنى فرجها - ويقول: هذا المتاع لو كان لي متاع، اذهب بها إلى يزيد بن معاوية، ثم قال: لا! ادع لي ربيعة بن عمرو الجرشى - وكان فقيها - فلما دخل عليه قال: إن هذه أتيت بها مجردة فرأيت منها ذاك وذاك، وإني أردت أن أبعث بها إلى يزيد، قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين! فإنها لا تصلح له، فقال: نعم ما رأيت، قال: ثم وهبها لعبد الله بن مسعدة الفزاري مولى فاطمة بنت رسول الله ، وكان أسود فقال له: بيض بها ولدك، وهذا من فقه معاوية وتحريه، حيث كان نظر إليها بشهوة، ولكنه استضعف نفسه عنها، فتحرج أن يهبها من ولده يزيد لقوله تعالى ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾ وقد وافقه على ذلك الفقيه ربيعة بن عمرو الجرشى الدمشقيّ (٢)] [وذكر ابن جرير أن عمرو بن العاص قدم في وفد أهل مصر إلى معاوية، فقال لهم في الطريق:

إذا دخلتم على معاوية فلا تسلموا عليه بالخلافة فإنه لا يحب ذلك، فلما دخل عليه عمرو قبلهم، قال معاوية لحاجبه: أدخلهم، وأوعز إليه أن يخوفهم في الدخول ويرعبهم، وقال: إني لأظن عمرا قد تقدم إليهم في شيء؟. فلما أدخلوهم عليه - وقد أهانوهم - جعل أحدهم إذا دخل يقول: السلام عليك يا رسول الله، فلما نهض عمرو من عنده قال: قبحكم الله! نهيتكم عن أن تسلموا عليه بالخلافة فسلمتم عليه بالنّبوّة.

وذكر أن رجلا سأل من معاوية أن يساعده في بناء داره باثني عشر ألف جذع من الخشب.


(١) كذلك بالأصلين وصوابه: جؤ لأنه أمر من باب قال.
(٢) سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>