للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العطش؟ بئس ما خلفتم محمدا في ذريته، لا سقاكم الله يوم الظمأ الأكبر إن لم تتوبوا وترجعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه. فحملت عليه رجالة لهم ترميه بالنبل فأقبل حتى وقف أمام الحسين] (١) وقال لهم عمر بن سعد: لو كان الأمر لي لأجبت الحسين إلى ما طلب ولكن أبى على عبيد الله بن زياد، وقد خاطب أهل الكوفة وأنبهم ووبخهم وسبهم، فقال لهم الحر بن يزيد: ويحكم منعتم الحسين ونساءه وبناته الماء الفرات الّذي يشرب منه اليهود والنصارى ويتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه، فهو كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا.

قال فتقدم عمر بن سعد وقال لمولاه: يا دريد أدن رأيتك، فأدناها ثم شمر عمر عن ساعده ورمى بسهم وقال: اشهدوا أنى أول من رمى القوم، قال: فترامى الناس بالنبال، وخرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله، فقالا: من يبارز؟ فبرز لهما عبيد الله بن عمر الكلبي بعد استئذانه الحسين فقتل يسارا أولا ثم قتل سالما بعده،

وقد ضربه سالم ضربة أطار أصابع يده اليسرى، وحمل رجل يقال له عبد الله بن حوزة حتى وقف بين يدي الحسين فقال له: يا حسين أبشر بالنار! فقال له الحسين: كلا ويحك إني أقدم على رب رحيم وشفيع مطاع، بل أنت أولى بالنار. قالوا: فانصرف فوقصته فرسه فسقط وتعلقت قدمه بالركاب، وكان الحسين قد سأل عنه فقال: أنا ابن حوزة، فرفع الحسين يده وقال: اللهمّ حزه إلى النار، فغضب ابن حوزة وأراد أن يقحم عليه الفرس وبينه وبينه نهر، فحالت به الفرس فانقطعت قدمه وساقه وفخذه وبقي جانبه الآخر متعلقا بالركاب، وشد عليه مسلم بن عوسجة فضربه فأطار رجله اليمنى، وغارت به فرسه فلم يبق حجر يمر به إلا ضربه في رأسه حتى مات.

[وروى أبو مخنف عن أبى جناب قال: كان منا رجل يدعى عبد الله بن نمير من بنى عليم، كان قد نزل الكوفة واتخذ دارا عند بئر الجعد من همدان، وكانت معه امرأة له من النمر بن قاسط، فرأى الناس يتهيئون للخروج إلى قتال الحسين، فقال: والله لقد كنت على قتال أهل الشرك حريصا، وإني لأرجو أن يكون جهادي مع ابن بنت رسول الله لهؤلاء أفضل من جهاد المشركين، وأيسر ثوابا عند الله، فدخل إلى امرأته فأخبرها بما هو عازم عليه، فقالت: أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك، افعل وأخرجني معك. قال: فخرج بها ليلا حتى أتى الحسين، ثم ذكر قصة رمى عمر بن سعد بالسهم، وقصة قتله يسار مولى زياد، وسالم مولى ابن زياد،

وأن عبد الله ابن عمير استأذن الحسين في الخروج إليهما فنظر إليه الحسين، فرأى رجلا آدم طويلا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين، فقال الحسين: إني لأحسبه للأقران قتّالا، أخرج إن شئت،


(١) سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>