أبيه، وأحبوه حتى أنهم سموا باسمه في تلك السنة أكثر من ألف غلام مولود، ثم نكثوا واختلفوا فخرج عنهم سلم وترك عليهم المهلب بن أبى صفرة] (١) وفيها اجتمع ملأ الشيعة على سليمان بن صرد بالكوفة، وتواعدوا النخيلة ليأخذوا بثأر الحسين ابن على بن أبى طالب، وما زالوا في ذلك مجدين، وعليه عازمين، من مقتل الحسين بكربلاء من يوم عاشوراء عشرة المحرم سنة إحدى وستين، وقد ندموا على ما كان منهم من بعثهم إليه، فلما أتاهم خذلوه وتخلوا عنه ولم ينصروه * فجادت بوصل حين لا ينفع الوصل * فاجتمعوا في دار سليمان بن صرد وهو صحابى جليل، وكان رءوس القائمين في ذلك خمسة، سليمان بن صرد الصحابي، والمسيب بن نجية الفزاري أحد كبار أصحاب على، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وعبد الله بن وال التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي. وكلهم من أصحاب على ﵁، فاجتمعوا كلهم بعد خطب ومواعظ على تأمير سليمان بن صرد عليهم، فتعاهدوا وتعاقدوا وتواعدوا النخيلة، وأن يجتمع من يستجيب لهم إلى ذلك الموضع بها في سنة خمس وستين، ثم جمعوا من أموالهم وأسلحتهم شيئا كثيراً وأعدوه لذلك. [وقام المسيب بن نجية خطيبا فيهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فقد ابتلينا بطول العمر وكثرة الفتن، وقد ابتلانا الله فوجدنا كاذبين في نصرة ابن بنت رسول الله ﷺ، بعد أن كتبنا إليه وراسلناه، فأتانا طمعا في نصرتنا إياه، فخذلناه وأخلفناه، وأتينا به إلى من قتله وقتل أولاده وذريته وقراباته الأخيار، فما نصرناهم بأيدينا، ولا خذلنا عنهم بألسنتنا، ولا قويناهم بأموالنا، فالويل لنا جميعا وبلا متصلا أبدا لا يفتر ولا يبيدون أن نقتل قاتله والممالئين عليه، أو نقتل دون ذلك وتذهب أموالنا وتخرب ديارنا، أيها الناس قوموا في ذلك قومة رجل واحد، وتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم. وذكر كلاما طويلا. ثم كتبوا إلى جميع إخوانهم أن يجتمعوا بالنخيلة في السنة الآتية.](٢) وكتب سليمان بن صرد الى سعد بن حذيفة بن اليمان وهو أمير على المدائن يدعوه إلى ذلك فاستجاب له ودعا إليه سعد من أطاعه من أهل المدائن، فبادروا إليه بالاستجابة والقبول، وتمالئوا عليه وتواعدوا النخيلة في التاريخ المذكور. وكتب سعد بن حذيفة إلى سليمان بن صرد بذلك ففرح أهل الكوفة من موافقة أهل المدائن لهم على ذلك، وتنشطوا لأمرهم الّذي تمالئوا عليه. فلما مات يزيد بن معاوية وابنه معاوية بعد قليل، طمعوا في الأمر، واعتقدوا أن أهل الشام قد ضعفوا، ولم يبق من يقيم لهم أمرا، فاستشاروا سليمان في الظهور وأن يخرجوا إلى النخيلة قبل الميقات، فنهاهم عن ذلك وقال: لا! حتى يأتى الأجل الّذي واعدنا إخواننا فيه، ثم هم في الباطن يعدون السلاح والقوة