عمران أم عيسى هي أخت هارون وموسى مع قوله يا أخت هارون * وقد بينا غلطه في ذلك وان هذا لا يمكن أن يقال ولم يتابعه أحد عليه بل كل واحد خالفه فيه ولو قدر أن هذا محفوظ فهذه مريم بنت عمران أخت موسى وهارون ﵍ وأم عيسى ﵍ وافقتها في الاسم واسم الأب واسم الأخ لأنهم كما
قال رسول الله ﷺ للمغيرة بن شعبة لما سأله أهل نجران عن قوله يا أخت هارون فلم يدر ما يقول لهم حتى سأل رسول الله ﷺ عن ذلك فقال أما علمت أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم رواه مسلم. وقولهم النبية كما يقال للمرأة من بيت الملك ملكة ومن بيت الإمرة أميرة وان لم تكن مباشرة شيئا من ذلك فكذا هذه استعارة لها لا أنها نبية حقيقة يوحى اليها وضربها بالدف في مثل هذا اليوم الّذي هو أعظم الأعياد عندهم دليل على أنه قد كان شرع من قبلنا ضرب الدف في العيد * وهذا مشروع لنا أيضا في حق النساء
لحديث الجاريتين اللتين كانتا عند عائشة يضربان بالدف في أيام منى ورسول الله ﷺ مضطجع مولى ظهره اليهم ووجهه الى الحائط فلما دخل أبو بكر زجرهن وقال أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله ﷺ فقال دعهن يا أبا بكر فان لكل قوم عيدا وهذا عيدنا.
وهكذا يشرع عندنا في الأعراس ولقدوم الغياب كما هو مقرر في موضعه والله أعلم. وذكروا أنهم لما جاوزوا البحر وذهبوا قاصدين الى بلاد الشام مكثوا ثلاثة أيام لا يجدون ماء فتكلم من تكلم منهم بسبب ذلك فوجدوا ماء زعاقا أجاجا لم يستطيعوا شربه فامر الله موسى فاخذ خشبة فوضعها فيه فحلا وساغ شربه وعلمه الرب هنالك فرائض وسننا ووصاه وصايا كثيرة. وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز المهيمن على ما عداه من الكتب ﴿وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾. قالوا هذا الجهل والضلال وقد عاينوا من آيات الله وقدرته ما دلهم على صدق ما جاءهم به رسول ذي الجلال والاكرام وذلك أنهم مروا على قوم يعبدون أصناما قيل كانت على صور البقر فكأنهم سألوهم لم يعبدونها فزعموا لهم أنها تنفعهم وتضرهم ويسترزقون بها عند الضرورات فكأن بعض الجهال منهم صدقوهم في ذلك فسألوا نبيهم الكليم الكريم العظيم أن يجعل لهم آلهة كما لأولئك آلهة فقال لهم مبينا لهم أنهم لا يعقلون ولا يهتدون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون. ثم ذكرهم نعمة الله عليهم في تفضيله إياهم على عالمي زمانهم بالعلم والشرع والرسول الّذي بين أظهرهم وما أحسن به اليهم وما امتن به عليهم من انجائهم من قبضة فرعون الجبار العنيد وإهلاكه إياه وهم ينظرون وتوريثه إياهم ما كان فرعون وملؤه يجمعونه من الأموال والسعادة وما كانوا يعرشون وبين لهم أنه لا تصلح العبادة الا لله وحده لا شريك له لانه الخالق الرازق القهار وليس كل بنى إسرائيل سأل هذا السؤال بل هذا الضمير عائد على الجنس في قوله ﴿وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ﴾