عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ أي قال بعضهم كما في قوله ﴿وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً﴾ فالذين زعموا هذا بعض الناس لا كلهم وقد
قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سنان بن أبى سنان الديليّ عن أبى واقد الليثي قال خرجنا مع رسول الله ﷺ قبل حنين فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها فقال النبي الله ﷺ الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة انكم تركبون سنن الذين من قبلكم. ورواه النسائي عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به. ورواه الترمذي عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن الزهري به. ثم قال حسن صحيح. وقد
روى ابن جرير من حديث محمد بن إسحاق ومعمر وعقيل عن الزهري عن سنان بن أبى سنان عن أبى واقد الليثي أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله ﷺ الى خيبر قال وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة قال فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال قلتم والّذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى ﴿اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾. والمقصود أن موسى ﵇ لما انفصل من بلاد مصر وواجه بلاد بيت المقدس وجد فيها قوما من الجبارين من الحيثانيين والفزاريين والكنعانيين وغيرهم فأمرهم موسى ﵇ بالدخول عليهم ومقاتلتهم واجلائهم إياهم عن بيت المقدس فان الله كتبه لهم ووعدهم إياه على لسان إبراهيم الخليل وموسى الكليم الجليل فأبوا ونكلوا عن الجهاد فسلط الله عليهم الخوف وألقاهم في التيه يسيرون ويحلون ويرتحلون ويذهبون ويجيئون في مدة من السنين طويلة هي من العدد أربعون كما قال الله تعالى ﴿وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ * يا قَوْمِ اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ * قالُوا يا مُوسى. إِنَّ فِيها قَوْماً جَبّارِينَ وَإِنّا لَنْ نَدْخُلَها حَتّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنّا داخِلُونَ * قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا اُدْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قالُوا يا مُوسى إِنّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ * قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ * قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ﴾. يذكرهم نبي الله نعمة الله عليهم إحسانه عليهم بالنعم الدينية والدنيوية ويأمرهم بالجهاد في سبيل الله ومقاتلة أعدائه فقال ﴿يا قَوْمِ اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ﴾ أي تنكصوا على أعقابكم وتنكلوا على قتال أعدائكم