للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعبي: ما رأيت أميرا على منبر قط أحسن منه، وكذا قال إسماعيل بن خالد. وقال الحسن هو أجمل أهل البصرة، وقال الخطيب البغدادي: ولى إمرة العراقين لأخيه عبد الله حتى قتله عبد الملك بمسكن بموضع قريب من أو انا على نهر دجيل عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك. وقد ذكرنا صفة مقتله المختار بن أبى عبيد، وأنه قتل في غداة واحدة من أصحاب المختار سبعة آلاف، قال الواقدي: لما قتل مصعب المختار طلب أهل القصر من أصحاب المختار من مصعب الأمان فأمنهم، ثم بعث إليهم عباد بن الحصين فجعل يخرجهم ملتفين، فقال له رجل: الحمد لله الّذي نصركم علينا وابتلانا بالأسر، يا ابن الزبير من عفا عفا الله عنه، ومن عاقب لا يأمن القصاص، نحن أهل قبلتكم وعلى ملتكم وقد قدرت فاسمح واعف عنا، قال: فرق لهم مصعب وأراد أن يخلى سبيلهم، فقام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وغيره من كل قبيلة فقالوا: قد قتلوا أولادنا وعشائرنا وجرحوا منا خلقا، اخترنا أو اخترهم، فأمر حينئذ بقتلهم، فنادوا بأجمعهم: لا تقتلنا واجعلنا مقدمتك في قتال عبد الملك بن مروان، فان ظفرنا فلكم، وإن قتلنا لا نقتل حتى نقتل منهم طائفة، وكان الّذي تريد، فأبى ذلك مصعب، فقال له مسافر: اتّق الله يا مصعب، فان الله ﷿ أمرك أن لا تقتل نفسا مسلمة بغير نفس، وإن ﴿مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً﴾ فلم يسمع له بل أمر بضرب رقابهم جميعهم وكانوا سبعة آلاف نفس، ثم كتب مصعب إلى ابن الأشتر أن أجبنى فلك الشام وأعنة الخيل، فسار ابن الأشتر إلى مصعب. وقيل إن مصعباً لما قدم مكة أتى عبد الله بن عمر فقال: أي عم: إني أسألك عن قوم خلعوا الطاعة وقاتلوا حتى غلبوا تحصنوا وسألوا الأمان فأعطوه ثم قتلوا بعد ذلك. فقال: وكم هم؟ فقال: خمسة آلاف، فسبح ابن عمر واسترجع وقال: لو أن رجلا أتى ماشية الزبير فذبح منها خمسة آلاف ماشية في غداة واحدة ألست تعده مسرفا؟ قال: نعم: قال: أفتراه إسرافا في البهائم ولا تراه إسرافا في من ترجو توبته؟ يا ابن أخى أصب من الماء البارد ما استطعت في دنياك. ثم إن مصعبا بعث برأس المختار إلى أخيه بمكة وتمكن مصعب في العراق تمكنا زائداً، فقرر بها الولايات والعمال، وحظي عنده ابن الأشتر فجعله على الوفادة، ثم رحل مصعب إلى أخيه بمكة فأعلمه بما فعل فأقره على ما صنع، إلا ابن الأشتر لم يمض له ما جعله عليه، وقال له: أتراني أحب الأشتر وهو الّذي جرحنى هذه الجراحة، ثم استدعى بمن قدم مع مصعب من أهل العراق فقال لهم: والله لوددت أن لي بكل رجلين منكم رجلا من أهل الشام. فقال له أبو حاجز الأسدي - وكان قاضى الجماعة بالبصرة - إن لنا ولكم مثلا قد مضى يا أمير المؤمنين وهو ما قال الأعشى: -

علقتها عرضا وعلقت رجلا … غيري وعلق أخرى غيرها الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>