للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت كما قيل أيضا: -

جننا بليلى وهي جنت بغيرنا … وأخرى بنا مجنونة لا نريدها

علقناك يا أمير المؤمنين وعلقت أهل الشام وعلق أهل الشام إلى مروان، فما عسينا أن نصنع؟ قال الشعبي: ما سمعت جوابا أحسن منه، وقال غيره: وكان مصعب من أشد الناس محبة للنساء وقد أمضى من ذلك شيئا كثيرا كما روى أنه اجتمع عند الحجر الأسود جماعة منهم ابن عمر ومصعب بن الزبير، فقالوا: ليقم كل واحد منكم وليسأل من الله حاجته، فسأل ابن عمر المغفرة، وسأل مصعب أن يزوجه الله سكينة بنت الحسين، وعائشة بنت طلحة، وكانتا من أحسن النساء في ذلك الزمان، وأن يعطيه الله إمرة العراقين، فأعطاه الله ذلك، تزوج بعائشة بنت طلحة، وكان صداقها عليه مائة ألف دينار، وكانت باهرة الجمال جدا، وكان مصعب أيضا جميلا جدا، وكذلك بقية زوجاته، قال الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه قال: اجتمع في الحجر مصعب وعروة وابن الزبير وابن عمر، فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة، وقال عروة:

أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عنى العلم: وقال مصعب، أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين. وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة. قال: فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر الله له.

وقال عامر الشعيى: بينما أنا جالس إذ دعاني الأمير مصعب بن الزبير فأدخلنى دار الامارة ثم كشف فإذا وراءه عائشة بنت طلحة، فلم أر منظرا أبهى ولا أحسن منها، فقال: أتدري من هذه؟ فقلت: لا فقال: هذه عائشة بنت طلحة، ثم خرجت فقالت: من هذا الّذي أظهرتنى عليه؟ قال:

هذا عامر الشعبي، قالت: فأطلق له شيئا، فأطلق لي عشرة آلاف درهم. قال الشعبي: فكان أول مال ملكته، وحكى الحافظ ابن عساكر أن عائشة بنت طلحة تغضبت مرة على مصعب فترضاها بأربعمائة ألف درهم، فأطلقتها هي للمرأة التي أصلحت بينهما، وقيل إنه أهديت له نخلة من ذهب ثمارها من صنوف الجواهر المثمنة، فقومت بألفي ألف دينار، وكانت من متاع الفرس فأعطاها لعائشة بنت طلحة.

وقد كان مصعب من أجود الناس وأكثرهم عطاء، لا يستكثر ما يعطى ولو كان ما عساه أن يكون فكانت عطاياه للقوى والضعيف، والوضيع والشريف متقاربة، وكان أخوه عبد الله يبخل.

وروى الخطيب البغدادي في تاريخه أن مصعبا غضب مرة على رجل فأمر بضرب عنقه، فقال له الرجل: أعز الله الأمير! ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فيتعلق بأطرافك هذه الحسنة، وبوجهك هذا الّذي يستضاء به، فأقول: يا رب سل مصعبا فيم قتلني. فعفا عنه، فقال الرجل: أعز الله الأمير إن

<<  <  ج: ص:  >  >>