للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِمَشْقَ لِغَزْوِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، ثُمَّ قَدِمَهَا مَرَّةً أُخْرَى وبويع بالخلافة أيام يزيد بن معاوية لما مات معاوية ابن يزيد، فكان عَلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقَيْنِ وَمِصْرَ وَخُرَاسَانَ وَسَائِرِ بِلَادٍ الشَّامِ إِلَّا دِمَشْقَ، وَتَمَّتِ الْبَيْعَةُ لَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَكَانَ النَّاسُ بِخَيْرٍ فِي زَمَانِهِ] [١] وَثَبَتَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا خَرَجَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرَةً وَهِيَ حُبْلَى بِهِ فولدته بقبا أَوَّلَ مَقْدِمِهِمِ الْمَدِينَةَ، فَأَتَتْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ وَدَعَا لَهُ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ سَحَرُوا الْمُهَاجِرِينَ فَلَا يُولَدُ لَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا وُلِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَدْ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَيْشَ الشَّامِ حِينَ كَبَّرُوا عِنْدَ قَتْلِهِ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَلَّذِينِ كَبَّرُوا عِنْدَ مَوْلِدِهِ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كبروا عند قتله، وأذن الصديق في أذنه حِينَ وُلِدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَمَنْ قَالَ إِنِ الصِّدِّيقَ طَافَ بِهِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَهُوَ فِي خِرْقَةٍ فَهُوَ وَاهِمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنَّمَا طَافَ الصِّدِّيقُ بِهِ فِي الْمَدِينَةِ لِيَشْتَهِرَ أَمْرُ مِيلَادِهِ عَلَى خِلَافِ مَا زَعَمَتِ الْيَهُودُ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ عَارِضَا عَبْدِ اللَّهِ خَفِيفَيْنِ، وَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً، وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلِّمَ فِي غِلْمَةٍ تَرَعْرَعُوا مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ ابن جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ بَايَعْتَهُمْ فَتُصِيبَهُمْ بَرَكَتُكَ وَيَكُونُ لَهُمْ ذِكْرٌ، فَأُتِيَ بِهِمْ إِلَيْهِ فَكَأَنَّهُمْ تَكَعْكَعُوا وَاقْتَحَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «إِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ وَبَايَعَهُ» . وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ شَرِبَ مِنْ دَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ احْتَجَمَ فِي طَسْتٍ فَأَعْطَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ لِيُرِيقَهُ فَشَرِبَهُ فَقَالَ لَهُ لَا تَمَسُّكَ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ» [وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: «يَا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهريقه حَيْثُ لَا يَرَاكَ أَحَدٌ، فَلَمَّا بَعُدَ عَمَدَ إِلَى ذَلِكَ الدَّمِ فَشَرِبَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: ما صنعت بالدم؟ قال: إني شربته لأزداد به علما وإيمانا، وليكون شيء من جَسَدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جسدي، وجسدي أولى به من الأرض، فقال: ابشر لا تمسك النار أبدا. وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ» ] [٢] وقال محمد بن سعد: أنبأ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ ثنا أبو عمران الجونى أن نوفا كَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسُ الْخُلَفَاءِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَمُرُّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَنْصُوبَةٌ لَا يَتَحَرَّكُ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا سَجَدَ وَقَعَتِ الْعَصَافِيرُ على ظهره تصعد وتنزل لا تراه الأجذم حَائِطٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُومُ ليله حتى يصبح، ويركع ليله حتى


[١] ، (٢) سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>