للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلية والمرتبة السنية وسمع الخطاب سأل رفع الحجاب فقال للعظيم الّذي لا تدركه الابصار القوى البرهان ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي﴾. ثم بين تعالى أنه لا يستطيع أن يثبت عند تجليه لان الجبل الّذي هو أقوى وأكبر ذاتا وأشد ثباتا من الإنسان لا يثبت عند التجلي من الرحمان ولهذا قال ﴿وَلكِنِ اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اِسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي﴾ وفي الكتب المتقدمة أن الله تعالى قال له يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده

وفي الصحيحين عن أبى موسى عن رسول الله انه قال حجابه النور. وفي رواية النار لو كشفه لا حرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. وقال ابن عباس في قوله تعالى ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ﴾ ذاك نوره الّذي هو نوره إذا تجلى لشيء لا يقوم له شيء ولهذا قال تعالى ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾. قال مجاهد ﴿وَلكِنِ اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اِسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي﴾ فإنه أكبر منك وأشد خلقا فلما تجلى ربه للجبل فنظر الى الجبل لا يتمالك وأقبل الجبل فدك على أوله ورأى موسى ما يصنع الجبل فخر صعقا * وقد ذكرنا في التفسير ما رواه الامام احمد والترمذي وصححه ابن جرير والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت.

زاد

ابن جرير وليث عن أنس أن رسول الله قرأ ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ قال هكذا بإصبعه ووضع النبي الإبهام على المفصل الأعلى من الخنصر فساخ الجبل لفظ ابن جرير. وقال السدي عن عكرمة وعن ابن عباس ما تجلى يعنى من العظمة الا قدر الخنصر فجعل الجبل دكا قال ترابا ﴿وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً﴾ أي مغشيا عليه وقال قتادة ميتا. والصحيح الأول لقوله ﴿فَلَمّا أَفاقَ﴾ فان الافاقة انما تكون عن غشي قال ﴿سُبْحانَكَ﴾ تنزيه وتعظيم وإجلال أن يراه بعظمته أحد ﴿تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ أي فلست أسأل بعد هذا الرؤية ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أنه لا يراك حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده. وقد ثبت

في الصحيحين من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة بن ابى حسن المازني الأنصاري عن أبيه عن أبى سعيد الخدريّ قال قال رسول الله (لا تخيرونى من بين الأنبياء فان الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدرى أفاق قبلي أو جوزي بصعقة الطور) لفظ البخاري وفي أوله قصة اليهودي الّذي لطم وجهه الأنصاري حين قال لا والّذي اصطفى موسى على البشر فقال رسول الله (لا تخيرونى من بين الأنبياء). وفي الصحيحين من طريق الزهري عن أبى سلمة وعبد الرحمن الأعرج عن أبى هريرة عن النبي بنحوه وفيه (لا تخيرونى على موسى) وذكر تمامه. وهذا من باب الهضم والتواضع أو نهى عن التفضيل بين الأنبياء على وجه الغضب والعصبية أو ليس هذا إليكم بل الله هو الّذي رفع بعضهم فوق بعض درجات وليس ينال هذا بمجرد الرأى بل بالتوقيف. ومن قال ان هذا قاله قبل أن يعلم أنه أفضل ثم نسخ باطلاعه على أفضليته

<<  <  ج: ص:  >  >>