للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم كلهم ففي قوله نظر لأن هذا من رواية أبى سعيد وأبى هريرة وما هاجر أبو هريرة إلا عام حنين متأخرا فيبعد أنه لم يعلم بهذا الا بعد هذا والله أعلم ولا شك أنه صلوات الله وسلامه عليه أفضل البشر بل الخليقة. قال الله تعالى ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ﴾ وما كملوا الا بشرف نبيهم

وثبت بالتواتر عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر) ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الّذي يغبطه به الأولون والآخرون الّذي تحيد عنه الأنبياء والمرسلون حتى أولو العزم الاكملون نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم.

وقوله (فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش) أي آخذا بها (فلا أدرى أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور) دليل على أن هذا الصعق الّذي يحصل للخلائق في عرصات القيامة حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين عباده فيصعقون من شدة الهيبة والعظمة والجلال فيكون أولهم إفاقة محمد خاتم الأنبياء ومصطفى رب الأرض والسماء على سائر الأنبياء فيجد موسى باطشا بقائمة العرش

قال الصادق المصدوق (لا أدرى أصعق فأفاق قبلي) أي كانت صعقته خفيفة لأنه قد ناله بهذا السبب في الدنيا صعق أو جوزي بصعقة الطور يعنى فلم يصعق بالكلية وهذا فيه شرف كبير لموسى من هذه الحيثية. ولا يلزم تفضيله بها مطلقا من كل وجه * ولهذا نبه رسول الله على شرفه وفضيلته بهذه الصفة لان المسلم لما ضرب وجه اليهودي حين قال (لا والّذي اصطفى موسى على البشر) قد يحصل في نفوس المشاهدين لذلك هضم بجناب موسى فبين النبي فضيلته وشرفه. وقوله تعالى ﴿قالَ يا مُوسى إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي﴾ أي في ذلك الزمان لا ما قبله لأن إبراهيم الخليل أفضل منه كما تقدم بيان ذلك في قصة إبراهيم ولا ما بعده لأن محمدا أفضل منهما كما ظهر شرفه ليلة الاسراء على جميع المرسلين والأنبياء وكما ثبت أنه قال سأقوم مقاما يرغب الى الخلق حتى إبراهيم وقوله تعالى ﴿فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ أي فخذ ما أعطيتك من الرسالة والكلام ولا تسأل زيادة عليه وكن من الشاكرين على ذلك. قال الله تعالى ﴿وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ وكانت الألواح من جوهر نفيس ففي الصحيح أن الله كتب له التوراة بيده وفيها مواعظ عن الآثام وتفصيل لكل ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ أي بعزم ونية صادقة قوية ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها﴾ أي يضعوهما على أحسن وجوهها وأجمل محاملها ﴿سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ﴾ أي ستروا عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري المكذبين لرسلي. ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ﴾ عن فهمها وتدبرها وتعقل معناها الّذي أريد منها ودل عليه مقتضاها ﴿الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها﴾ أي ولو شاهدوا مهما شاهدوا من الخوارق والمعجزات لا ينقادوا لاتباعها ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾ أي لا يسلكوه ولا يتبعوه ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ أي صرفناهم

<<  <  ج: ص:  >  >>