للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبى العاص بن أمية. سمع عثمان بن عفان، وشهد الدار مع أبيه وهو ابن عشر سنين، وهو أول من سار بالناس في بلاد الروم سنة ثنتين وأربعين، وكان أميرا على أهل المدينة، وله ست عشرة سنة، ولاه إياها معاوية، وكان يجالس الفقهاء والعلماء والعباد والصلحاء وروى الحديث عن أبيه وجابر وأبى سعيد الخدريّ وأبى هريرة وابن عمر ومعاوية وأم سلمة وبريرة مولاة عائشة. وروى عنه جماعة منهم خالد بن معدان وعروة والزهري وعمرو بن الحارث ورجاء بن حيوة وجرير بن عثمان. ذكر عن محمد بن سيرين أن أباه كان قد سماه القاسم وكان يكنى بأبي القاسم، ثم غير اسمه فسماه عبد الملك، قال ابن أبى خيثمة عن مصعب بن الزبير: وكان أول من سمى في الإسلام بعبد الملك، قال ابن أبى خيثمة: وأول من سمى في الإسلام بأحمد والد الخليل بن أحمد العروضي. وبويع له بالخلافة في سنة خمس وستين في حياة أبيه في خلافة ابن الزبير، وبقي على الشام ومصر مدة سبع سنين، وابن الزبير على باقي البلاد، ثم استقل بالخلافة على سائر البلاد والأقاليم بعد مقتل ابن الزبير، وذلك في سنة ثلاث وسبعين إلى هذه السنة كما ذكرنا ذلك، وكان مولده ومولد يزيد بن معاوية في سنة ست وعشرين، وقد كان عبد الملك قبل الخلافة من العباد الزهاد الفقهاء الملازمين للمسجد التالين للقرآن، وكان ربعة من الرجال أقرب إلى القصر. وكانت أسنانه مشبكة بالذهب، وكان أفوه مفتوح الفم، فربما غفل فينفتح فمه فيدخل فيه الذباب، ولهذا كان يقال له أبو الذباب. وكان أبيض ربعة ليس بالنحيف ولا البادن، مقرون الحاجبين أشهل كبير العينين دقيق الأنف مشرق الوجه أبيض الرأس واللحية حسن الوجه لم يخضب، ويقال إنه خضب بعد. وقد قال نافع: لقد رأيت المدينة وما فيها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك ابن مروان، وقال الأعمش عن أبى الزناد: كان فقهاء المدينة أربعة سعيد بن المسيب وعروة وقبيصة ابن ذؤيب وعبد الملك بن مروان قبل أن يدخل في الامارة. وعن ابن عمر أنه قال: ولد الناس أبناء وولد مروان أبا - يعنى عبد الملك - ورآه يوما وقد ذكر اختلاف الناس، فقال: لو كان هذا الغلام اجتمع الناس عليه، وقال عبد الملك: كنت أجالس بريدة بن الحصيب فقال لي يوما:

يا عبد الملك إن فيك خصالا، وإنك لجدير أن تلى أمر هذه الأمة، فاحذر الدماء

فانى سمعت رسول الله يقول: «إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليها على محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق». وقد أثنى عليه قبل الولاية معاوية وعمرو بن العاص في قصة طويلة، وقال سعيد بن داود الزبيري عن مالك عن يحيى بن سعيد بن داود الزبيري قال: كان أول من صلى ما بين الظهر والعصر عبد الملك بن مروان وفتيان معه، فقال سعيد بن المسيب: ليست العبادة بكثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله والورع عن محارم الله. وقال الشعبي:

<<  <  ج: ص:  >  >>