للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال أبو ثمامة الأنصاري النجاري، خادم رسول الله وصاحبه، وأمه أم حرام مليكة بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، زوجة أبى طلحة زيد بن سهل الأنصاري. روى عن رسول الله أحاديث جمة، وأخبر بعلوم مهمة. وروى عن أبى بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وغيرهم.

وحدث عنه خلق من التابعين، قال أنس: قدم رسول الله المدينة وأنا ابن عشر سنين، وتوفى وأنا ابن عشرين سنة. وقال محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبيه عن ثمامة قال قيل لأنس:

أشهدت بدرا؟ فقال: وأين أغيب عن بدر لا أم لك؟ قال الأنصاري: شهدها يخدم رسول الله . قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: لم يذكر ذلك أحد من أصحاب المغازي، قلت:

الظاهر أنه إنما شهد ما بعد ذلك من المغازي والله أعلم.

وقد ثبت أن أمه أتت به -

وفي رواية عمه زوج أمه أبو طلحة - إلى رسول الله فقالت:

يا رسول الله هذا أنس خادم لبيب يخدمك، فوهبته منه فقبله، وسألته أن يدعو له فقال: «اللهمّ أكثر ماله وولده وأدخله الجنة». وثبت عنه أنه قال: كنّانى رسول الله بنخلة كنت أجتنيها.

وقد استعمله أبو بكر ثم عمر على عمالة البحرين وشكراه في ذلك، وقد انتقل بعد النبي فسكن البصرة، وكان له بها أربع دور، وقد ناله أذى من جهة الحجاج، وذلك في فتنة ابن الأشعث، توهم الحجاج منه أنه له مداخلة في الأمر، وأنه أفتى فيه، فختمه الحجاج في عنقه، هذا عنق الحجاج، وقد شكاه أنس كما قدمنا إلى عبد الملك، فكتب إلى الحجاج يعنفه، ففزع الحجاج من ذلك وصالح أنسا. وقد وفد أنس على الوليد بن عبد الملك في أيام ولايته، قيل في سنة ثنتين وتسعين، وهو يبنى جامع دمشق، قال مكحول: رأيت أنسا يمشى في مسجد دمشق فقمت إليه فسألته عن الوضوء من الجنازة فقال: لا وضوء. وقال الأوزاعي: حدثني إسماعيل بن عبد الله بن أبى المهاجر قال: قدم أنس على الوليد فقال له الوليد: ماذا سمعت من رسول الله يذكر به الساعة؟

فقال: سمعت رسول الله يقول: «أنتم والساعة كهاتين». ورواه عبد الرزاق بن عمر عن إسماعيل قال: قدم أنس على الوليد في سنة ثنتين وتسعين فذكره. وقال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكى فقلت: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف مما كان رسول الله وأصحابه إلا هذه الصلاة، وقد صنعتم فيها ما صنعتم. وفي رواية وهذه الصلاة قد ضيعت - يعنى ما كان يفعله خلفاء بنى أمية من تأخير الصلاة إلى آخر وقتها الموسع - كانوا يواظبون على التأخير إلا عمر بن عبد العزيز في أيام خلافته كما سيأتي،

وقال عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس. قال:

جاءت بى أمى إلى رسول الله وأنا غلام فقالت: يا رسول الله خويدمك أنيس فادع الله له.

فقال: «اللهمّ أكثر ماله وولده وأدخله الجنة». قال: فقد رأيت اثنتين وأنا أرجو الثالثة، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>