للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبِيعُكَ بِأَكْلَةٍ وَأَقَلَّ مِنْهَا يَطْمَعُ فِيهَا ثُمَّ لَا يَنَالُهَا، وَلَا بَخِيلًا فَإِنَّهُ يَخْذُلُكَ فِي مَالِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ، وَلَا كَذَّابًا فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ مِنْكَ الْبَعِيدَ وَيُبَاعِدُ عَنْكَ الْقَرِيبَ، وَلَا أَحْمَقَ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ، وَلَا قَاطِعَ رَحِمٍ فَإِنَّهُ مَلْعُونٌ فِي كتاب الله. قال تَعَالَى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ٤٧: ٢٢- ٢٣ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ تَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى يَجْلِسَ فِي حَلْقَةِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، أَنْتَ سَيِّدُ الناس تأتى تخطي حلق أهل العلم وقريش حَتَّى تَجْلِسَ مَعَ هَذَا الْعَبْدِ الْأَسْوَدِ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: إِنَّمَا يَجْلِسُ الرَّجُلُ حيث ينتفع، وإن العلم يطلب حَيْثُ كَانَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؟ فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ أُرِيدُ أسأله عن أشياء ينفعنا الله بها ولا منقصة، إِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَنَا مَا يَرْمِينَا بِهِ هَؤُلَاءِ- وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْعِرَاقِ- وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إسحاق عن زر بْنِ عُبَيْدٍ [١] قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَرْحَبًا بِالْحَبِيبِ ابْنِ الْحَبِيبِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بن محمد بن يحيى الصولي: ثنا العلاء ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَبَّلَهُ وَأَقْعَدَهُ إِلَى جنبه، ثم قال: «يولد لا بنى هَذَا ابْنٌ يُقَالُ لَهُ عَلِيٌّ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ لِيَقُمْ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ، فَيَقُومُ هُوَ» هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا أَوْرَدَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ أَكْثَرُ مُجَالَسَتِي مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْهُ، وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَحْسَنِهِمْ طَاعَةً، وَأَحَبِّهِمْ إِلَى مَرْوَانَ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ يسمى زَيْنَ الْعَابِدِينَ. وَقَالَ جُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءَ: مَا أَكَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْهَمًا قَطُّ. رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: بَعَثَ الْمُخْتَارُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَكَرِهَ أَنْ يَقْبَلَهَا وَخَافَ أَنْ يَرُدَّهَا، فَاحْتَبَسَهَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: إِنَّ الْمُخْتَارَ بَعَثَ إِلَيَّ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْبَلَهَا وَكَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّهَا، فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهَا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا ابْنَ عَمٍّ! خُذْهَا فَقَدْ طَيَّبْتُهَا لَكَ، فَقَبِلَهَا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: سَادَةُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا الْأَسْخِيَاءُ الْأَتْقِيَاءُ، وَفِي الْآخِرَةِ أَهْلُ الدين وأهل الفضل والعلم الأتقياء، لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ. وَقَالَ أَيْضًا: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَرَى الْأَخَ مِنْ إِخْوَانِي فَأَسْأَلَ اللَّهَ لَهُ الْجَنَّةَ وَأَبْخَلَ عَلَيْهِ بِالدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ


[١] لعله زر بن حبيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>