وعفى قبره، وأجرى عليه الماء لكيلا ينبش ويحرق والله أعلم.
وقال الأصمعي: ما كان أعجب حال الحجاج، ما ترك إلا ثلاثمائة درهم. وقال الواقدي: ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد حدثني عبد الرحمن بن عبيد الله بن فرق: ثنا عمى قال: زعموا أن الحجاج لما مات لم يترك إلا ثلاثمائة درهم ومصحفا وسيفا وسرجا ورحلا ومائة درع موقوفة. وقال شهاب بن خراش: حدثني عمى يزيد بن حوشب قال: بعث إلى أبو جعفر المنصور فقال: حدثني بوصية الحجاج ابن يوسف، فقال: اعفنى يا أمير المؤمنين، فقال: حدثني بها، فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك، عليها يحيى، وعليها يموت، وعليها يبعث، وأوصى بتسعمائة درع حديد، ستمائة منها لمنافقى أهل العراق يغزون بها، وثلاثمائة للترك. قال: فرفع أبو جعفر رأسه إلى أبى العباس الطوسي - وكان قائما على رأسه - فقال: هذه والله الشيعة لا شيعتكم.
وقال الأصمعي عن أبيه قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا، قال: ثم رأيته بعد الحول ففلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما سألت عن هذا عام أول؟ وقال القاضي أبو يوسف: كنت عند الرشيد فدخل عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين رأيت الحجاج البارحة في النوم، قال: في أي زي رأيته؟ قال: في زي قبيح.
فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: ما أنت وذاك يا ماصّ بظر أمه! فقال هارون: صدق والله، أنت رأيت الحجاج حقا، ما كان أبو محمد ليدع صرامته حيا وميتا. وقال حنبل بن إسحاق: ثنا هارون بن معروف ثنا ضمرة بن أبى شوذب عن أشعث الخراز. قال: رأيت الحجاج في المنام في حالة سيئة فقلت: يا أبا محمد ما صنع بك ربك؟ قال: ما قتلت أحدا قتلة إلا قتلني بها. قال ثم أمر بى إلى النار، قلت ثم مه، قال ثم أرجو ما يرجو أهل لا إله إلا الله. قال: وكان ابن سيرين يقول: إني لأرجو له، فبلغ ذلك الحسن فقال: أما والله ليخلفن الله رجاءه فيه. وقال أحمد بن أبى الحواري:
سمعت أبا سليمان الدارانيّ يقول: كان الحسن البصري لا يجلس مجلسا إلا ذكر فيه الحجاج فدعا عليه، قال: فرآه في منامه فقال له: أنت الحجاج؟ قال: أنا الحجاج، قال: ما فعل الله بك؟ قال:
قتلت بكل قتيل قتلته ثم عزلت مع الموحدين. قال: فأمسك الحسن بعد ذلك عن شتمه والله أعلم.
[وقال ابن أبى الدنيا: حدثنا حمزة بن العباس حدثنا عبد الله بن عثمان أنبأ ابن المبارك أنبأنا سفيان. قال: قدم الحجاج على عبد الملك بن مروان وافدا ومعه معاوية بن قرة، فسأل عبد الملك معاوية عن الحجاج فقال: إن صدقنا كم قتلتمونا، وإن كذبناكم خشينا الله ﷿، فنظر إليه الحجاج فقال له عبد الملك: لا تعرض له، فنفاه إلى السند فكان له بها مواقف](١).