ولا الورعة، ومتى كانت القراءة هكذا أو يقول مثل هذا، لا أكثر الله في الناس، مثل هؤلاء. ثم روى الحسن عن جندب قال: قال لنا حذيفة: هل تخافون من شيء؟ قال: قلت والله إنك وأصحابك لأهون الناس عندنا، فقال: أما والّذي نفسي بيده لا تؤتون إلا من قبلنا، ومع ذلك نشئ آخر يقرءون القرآن يكونون في آخر هذه الأمة ينثرونه نثر الدقل، لا يجاوز تراقيهم، تسبق قراءتهم إيمانهم.
وروى ابن أبى الدنيا عنه في ذم الغيبة له قال: والله للغيبة أسرع في دين المؤمن من الأكلة في جسده. وكان يقول: ابن آدم إنك لن تصيب حقيقة الايمان حتى لا تصيب الناس بعيب هو فيك، وحتى تبدأ بصلاح ذلك العيب فتصلحه من نفسك، فإذا فعلت ذلك كان ذلك شغلك في طاعة نفسك، وأحب العباد إلى الله من كان هكذا. وقال الحسن: ليس بينك وبين الفاسق حرمة. وقال:
ليس لمبتدع غيبة. وقال أصلت بن طريف: قلت للحسن: الرجل الفاجر المعلن بفجوره، ذكرى له بما فيه غيبة؟ قال: لا ولا كرامة. وقال: إذا ظهر فجوره فلا غيبة له. وقال: ثلاثة لا تحرم عليك غيبتهم: المجاهر بالفسق، والامام الجائر، والمبتدع. وقال له رجل: إن قوما يجالسونك ليجدوا بذلك إلى الوقيعة فيك سبيلا، فقال: هون عليك يا هذا فانى أطمعت نفسي في الجنان فطمعت، وأطمعتها في النجاة من النار فطمعت، وأطمعتها في السلامة من الناس فلم أجد إلى ذلك سبيلا، فان الناس لم يرضوا عن خالقهم ورازقهم فكيف يرضون عن مخلوق مثلهم؟ وقال: كانوا يقولون: من رمى أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يصيب ذلك الذنب. وقال الحسن: قال لقمان لابنه: يا بنى إياك والكذب فإنه شهى كلحم العصفور عما قليل يقلاه صاحبه. وقال الحسن: اعتبروا الناس بأعمالهم ودعوا أقوالهم فان الله عز وجل لم يدع قولا إلا جعل عليه دليلا من عمل يصدقه أو يكذبه، فان سمعت قولا حسنا فرويدا بصاحبه، فان وافق قول عملا فنعم ونعمت عين أخته وأخيه، وإذا خالف قول عملا فماذا يشبه عليك منه، أم ماذا يخفى عليك منه؟ إياك وإياه لا يخدعنك كما خدع ابن آدم، إن لك قولا وعملا، فعملك أحق بك من قولك، وإن لك سريرة وعلانية، فسريرتك أحق بك من علانيتك، وإن لك عاجلة وعاقبة، فعاقبتك أحق بك من عاجلتك.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ العباس أنبأ عبدان بن عثمان أنبأ معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن قال: إذا شبت لقيت الرجل أبيض حديد اللسان حديد النظر ميت القلب والعمل، أنت أبصر به من نفسه، ترى أبدانا ولا قلوبا، وتسمع الصوت ولا أنيس، أخصب ألسنة وأجدب قلوبا، يأكل أحدهم من غير ماله ويبكى على عماله، فإذا كهضته البطنة قال: يا جارية أو يا غلام ايتني بهاضم، وهل هضمت يا مسكين إلا دينك؟. وقال: من رق ثوبه رق دينه، ومن سمن جسده هزل دينه، ومن طاب طعامه أنتن كسبه. وقال فيما رواه عنه الآجري: رأس مال المؤمن