للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دين حيث ما زال زال معه، لا يخلفه في الرحال، ولا يأتمن عليه الرجال. وقال في قوله تعالى:

وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ٧٥: ٢ قال: لا تلقى المؤمن إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلمة كذا، ما أردت بأكلة كذا، ما أردت بمجلس كذا، وأما الفاجر فيمضى قدما قدما لا يلوم نفسه. وقال: تصبروا وتشددوا فإنما هي ليال تعد، وإنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب ولا يلتفت، فانقلبوا بصالح ما بحضرتكم، إن هذا الحق أجهد الناس وحال بينهم وبين شهواتهم، وإنما يصبر على هذا الحق من عرف فضله وعاقبته. وقال: لا يزال العبد بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته.

وقال ابن أبى الدنيا في محاسبة النفس: حدثنا عبد الله حدثنا إسماعيل بن زكريا حدثنا عبد الله ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن قال: المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه للَّه عز وجل، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على أقوام أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، إن المؤمن يفجأه الشيء ويعجبه فيقول: والله إنك لمن حاجتي وإني لأشتهيك، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا أبدا إن شاء الله: إن المؤمنين قوم قد أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتى يلقى الله عز وجل، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وبصره ولسانه، وفي جوارحه كلها. وقال: الرضا صعب شديد، وإنما معول المؤمن الصبر. وقال: ابن آدم عن نفسك فكايس، فإنك إن دخلت النار لم تجبر بعدها أبدا. وقال ابن أبى الدنيا: أنبأ إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت حماد بن زيد يذكر عن الحسن قال: المؤمن في الدنيا كالغريب لا ينافس في غيرها ولا يجزع من ذلها، للناس حال وله حال، الناس منه في راحة، ونفسه منه في شغل. وقال: لولا البلاء ما كان في أيام قلائل ما يهلك المرء نفسه. وقال: أدركت صدر هذه الأمة وخيارها وطال عمري فيهم، فو الله إنهم كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم للَّه عليكم، أدركتهم عاملين بكتاب ربهم، متبعين سنة نبيهم، ما طوى أحدهم ثوبا، ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا، ولا أمر أهله بصنع طعام، كان أحدهم يدخل منزله فان قرب اليه شيء أكل وإلا سكت فلا يتكلم في ذلك. وقال إن المنافق إذا صلى صلى رياء أو حياء من الناس أو خوفا، وإذا صلى صلى فقرأهم الدنيا، وإن فاتته الصلاة لم يندم عليها ولم يحزنه فواتها.

وقال الحسن فيما رواه عنه صاحب كتاب النكت: من جعل الحمد للَّه على النعم حصنا وحابسا وجعل أداء الزكاة على المال سياجا وحارسا، وجعل العلم له دليلا وسائسا، أمن العطب، وبلغ أعلى الرتب. ومن كان للمال قانصا، وله عن الحقوق حابسا، وشغله وألهاه عن طاعة الله كان لنفسه ظالما

<<  <  ج: ص:  >  >>