للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الويل لكم إذا سماكم الناس صالحين، وأكرموكم على ذلك. وقال الطبراني: حدثنا عبيد بن محمد الكشوري حدثنا همام بن سلمة بن عقبة حدثنا غوث بن جابر حدثنا عقيل بن معقل بن منبه قال: سمعت عمى وهب بن منبه يقول: يا بنى! أخلص طاعة الله بسريرة ناصحة يصدق بها فعلك في العلانية، فان من فعل خيرا ثم أسره إلى الله فقد أصاب مواضعه، وأبلغه قراره، ووضعه عند حافظه وإن من أسر عملا صالحا لم يطلع عليه إلا الله، فقد أطلع عليه من هو حسبه، واستحفظه واستودعه حفيظا لا يضيع أجره، فلا تخافن يا بنى على من عمل صالحا أسره إلى الله عز وجل ضياعا، ولا تخافن ظلمة ولا هضمة، ولا تظنن أن العلانية هي أنجح من السريرة، فان مثل العلانية مع السريرة كمثل ورق الشجرة مع عرقها، العلانية ورقها والسريرة أصلها، إن يحرق العرق هلكت الشجرة كلها، وإن صلح الأصل صلحت الشجرة، ثمرها وورقها، والورق يأتى عليه حين يجف ويصير هباء تذروه الرياح، بخلاف العرق، فإنه لا يزال ما ظهر من الشجرة في خير وعافية ما كان عرقها مستخفيا لا يرى منه شيء، كذلك الدين والعلم والعمل، لا يزال صالحا ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانية العبد، فان العلانية تنفع مع السريرة الصالحة، ولا تنفع العلانية مع السريرة الفاسدة، كما ينفع عرق الشجرة صلاح فرعها، وإن كان حياته من قبل عرقها، فان فرعها زينتها وجمالها، وإن كانت السريرة هي ملاك الدين، فان العلانية معها تزين الدين وتجمله إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه عز وجل.

وقال الهيثم بن جميل: حدثنا صالح المري عن أبان عن وهب قال: قرأت في الحكمة: الكفر أربعة أركان، ركن منه الغضبة، وركن منه الشهوة، وركن منه الطمع، وركن منه الخوف. وقال:

أوحى الله تعالى إلى موسى: إذا دعوتني فكن خائفا مشفقا وجلا، وعفر خدك بالتراب، واسجد لي بمكارم وجهك ويديك، وسلني حين تسألنى بخشية من قلبك ووجل، واخشنى أيام الحياة، وعلم الجهال آلائي، وقل لعبادي لا يتمادوا في غى ما هم فيه فان أخذى أليم شديد. وقال وهب: إذا هم الوالي بالجور أو عمل به دخل النقص على أهل مملكته، وقلت البركات في التجارات والزراعات والضروع والمواشي، ودخل المحق في ذلك، وأدخل الله عليه الذل في ذاته وفي ملكه. وإذا هم بالعدل والخير كان عكس ذلك، من كثرة الخير ونمو البركات. وقال وهب: كان في مصحف إبراهيم عليه السلام أيها الملك المبتلى، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولا لتبنى البنيان، وإنما بعثتك لترفع لي دعوة المظلوم فانى لا أردها ولو كانت من كافر.

وروى ابن أبى الدنيا عن مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أن ذا القرنين قال لبعض الملوك:

ما بال ملتكم واحدة، وطريقتكم مستقيمة؟ قال: من قبل أنا لا نخادع ولا يغتاب بعضنا بعضا. وروى

<<  <  ج: ص:  >  >>