قبل موسى أخيه بنحو من سنتين. وبعده موسى في التيه أيضا كما قدمنا وانه سأل ربه أن يقرب إلى بيت المقدس فأجيب إلى ذلك فكان الّذي خرج بهم من التيه وقصد بهم بيت المقدس هو يوشع بن نون ﵇ فذكر أهل الكتاب وغيرهم من أهل التاريخ أنه قطع بنى إسرائيل نهر الأردن وانتهى الى أريحا وكانت من أحصن المدائن سورا واعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر. ثم إنهم أحاطوا بها يوما وضربوا بالقرون يعنى الابواق وكبروا تكبيرة رجل واحد فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم وقتلوا اثني عشر ألفا من الرجال والنساء وحاربوا ملوكا كثيرة. ويقال إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكا من ملوك الشام. وذكروا أنه انتهى محاصرته لها إلى يوم جمعة بعد العصر. فلما غربت الشمس أو كادت تغرب ويدخل عليهم السبت الّذي جعل عليهم وشرع لهم ذلك الزمان قال لها إنك مأمورة وأنا مأمور اللهمّ احبسها على فحبسها الله عليه حتى تمكن من فتح البلد وأمر القمر فوقف عند الطلوع وهذا يقتضي أن هذه الليلة كانت الليلة الرابعة عشرة من الشهر والأول وهو قصة الشمس المذكورة في الحديث الّذي سأذكره.
وأما قصة القمر فمن عند أهل الكتاب ولا ينافي الحديث بل فيه زيادة تستفاد فلا تصدق ولا تكذب ولكن ذكرهم أن هذا في فتح أريحا فيه نظر والأشبه والله أعلم أن هذا كان في فتح بيت المقدس الّذي هو المقصود الأعظم وفتح أريحا كان وسيلة اليه والله أعلم.
قال الإمام احمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن هشام عن ابن سيرين عن أبى هريرة قال قال رسول الله ﷺ إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس. انفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط البخاري. وفيه دلالة على أن الّذي فتح بيت المقدس هو يوشع بن نون ﵇ لا موسى وان حبس الشمس كان في فتح بيت المقدس لا أريحا كما قلنا. وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع ﵇ فيدل على ضعف الحديث الّذي رويناه أن الشمس رجعت حتى صلى على بن أبى طالب صلاة العصر بعد ما فاتته بسبب نوم النبي ﷺ على ركبته فسأل رسول الله أن يردها عليه حتى يصلى العصر فرجعت. وقد صححه على بن صالح المصري ولكنه منكر ليس في شيء من الصحاح ولا الحسان وهو مما تتوفر الدواعي على نقله وتفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها والله أعلم.
وقال الامام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام عن أبى هريرة قال قال رسول الله ﷺ غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبنى بها ولما يبن. ولا آخر قد بنى بنيانا ولم يرفع سقفها ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر أولادها فغزا فدنا من القرية حين صلّى العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور اللهمّ احبسها على شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه فجمعوا ما غنموا فاتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه