للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال فيكم غلول فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول ولتبايعني قبيلتك فبايعته قبيلته فلصق بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم الغلول أنتم غللتم فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه بالمال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا. انفرد به مسلم من هذا الوجه. وقد روى البزار من طريق مبارك بن فضالة عن عبيد الله عن سعيد المقبري عن أبى هريرة عن النبي نحوه. قال ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري قال ورواه قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة عن النبي . والمقصود أنه لما دخل بهم باب المدينة أمروا أن يدخلوها سجدا أي ركعا متواضعين شاكرين لله ﷿ على ما من به عليهم من الفتح العظيم الّذي كان الله وعدهم إياه وان يقولوا حال دخولهم حطة أي حط عنا خطيانا التي سلفت من نكولنا الّذي تقدم منا. ولهذا لما دخل رسول الله مكة يوم فتحها دخلها وهو راكب ناقته وهو متواضع حامد شاكر حتى أن عثنونه وهو طرف لحيته ليمس مورك رحله مما يطأطئ رأسه خضعانا لله ﷿ ومعه الجنود والجيوش ممن لا يرى منه إلا الحدق ولا سيما الكتيبة الخضراء التي فيها رسول الله ثم لما دخلها اغتسل وصلّى ثماني ركعات وهي صلاة الشكر على النصر على المنصور من قولي العلماء. وقيل إنها صلاة الضحى وما حمل هذا القائل على قوله هذا الا لأنها وقعت وقت الضحى. واما بنو إسرائيل فإنهم خالفوا ما أمروا به قولا وفعلا دخلوا الباب يزحفون على أستاههم يقولون حبة في شعرة وفي رواية حنطة في شعرة. وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به واستهزءوا به كما قال تعالى حاكيا عنهم في سورة الأعراف وهي مكية ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اُسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ﴾ وقال في سورة البقرة وهي مدنية مخاطبا لهم ﴿وَإِذْ قُلْنَا اُدْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾. وقال الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً﴾ قال ركعا من باب صغير. رواه الحاكم وابن جرير وابن أبى حاتم وكذا روى العوفيّ عن ابن عباس وكذا روى الثوري عن ابن إسحاق عن البراء. قال مجاهد والسدي والضحاك والباب هو باب حطة من بيت إيلياء بيت المقدس. قال ابن مسعود فدخلوا مقنعي رءوسهم ضد ما أمروا به وهذا لا ينافي قول ابن عباس أنهم دخلوا يزحفون على أستاههم. وهكذا في الحديث الّذي سنورده بعد فإنهم دخلوا يزحفون وهم مقنعوا رءوسهم. وقوله ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ الواو هنا حالية لا عاطفة أي ادخلوا سجدا في حال قولكم حطة. قال ابن عباس وعطاء والحسن وقتادة والربيع

<<  <  ج: ص:  >  >>