للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ مَمَرُّهُ بِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ فَتَطَّلَعَ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ فَعَلَّمَهُ الْإِسْلَامَ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَضِرُ زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً فَعَلَّمَهَا الْإِسْلَامَ وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْلِمَ أَحَدًا وَكَانَ لَا يَقْرَبُ النِّسَاءَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ زَوَّجَهُ أَبُوهُ بِأُخْرَى فَعَلَّمَهَا الْإِسْلَامَ وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تُعْلِمَ أَحَدًا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَكَتَمَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَفْشَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى أَتَى جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ يَحْتَطِبَانِ فَرَأَيَاهُ فَكَتَمَ أَحَدُهُمَا وَأَفْشَى عَلَيْهِ الْآخَرُ قَالَ قَدْ رأيت العزقيل وَمَنْ رَآهُ مَعَكَ قَالَ فُلَانٌ فَسُئِلَ فَكَتَمَ وَكَانَ مِنْ دِينِهِمْ أَنَّهُ مَنْ كَذَبَ قُتِلَ فَقُتِلَ وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ الْكَاتِمُ الْمَرْأَةَ الْكَاتِمَةَ قَالَ فَبَيْنَمَا هِيَ تُمَشِّطُ بِنْتَ فِرْعَوْنَ إِذْ سَقَطَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ فِرْعَوْنُ فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا وَكَانَ لِلْمَرْأَةِ ابْنَانِ وَزَوْجٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَرَاوَدَ الْمَرْأَةَ وَزَوْجَهَا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ دِينِهِمَا فَأَبَيَا فَقَالَ إِنِّي قَاتِلُكُمَا فَقَالَا إِحْسَانٌ مِنْكَ إِلَيْنَا إِنْ أَنْتَ قَتَلَتْنَا أَنْ تَجْعَلَنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَجَعَلَهُمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَقَالَ وَمَا وَجَدْتُ رِيحًا أَطْيَبَ مِنْهُمَا وَقَدْ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ مَائِلَةَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ وَهَذَا الْمُشْطُ فِي أَمْرِ الْخَضِرِ قَدْ يَكُونُ مُدْرَجًا مِنْ كَلَامِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ كُنْيَتُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ وَالْأَشْبَهُ وَاللَّهُ أعلم أن الحضر لَقَبٌ غَلَبَ عَلَيْهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرُ لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءُ تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ بِهِ. ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الْفَرْوَةُ الْحَشِيشُ الْأَبْيَضُ وَمَا أَشْبَهَهُ يَعْنِي الْهَشِيمَ الْيَابِسَ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرْوَةُ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الْهَشِيمُ الْيَابِسُ شَبَّهَهُ بِالْفَرْوَةِ وَمِنْهُ قِيلُ فَرْوَةُ الرَّأْسِ وَهِيَ جِلْدَتُهُ بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الشَّعْرِ كَمَا قَالَ الرَّاعِي.

وَلَقَدْ تَرَى الْحَبَشِيَّ حَوْلَ بُيُوتِنَا ... جَذِلًا إِذَا مَا نال يوما ما كلا

جعدا أصك كَأَنَّ فَرْوَةَ رَأْسِهِ ... بُذِرَتْ فَأَنْبَتَ جَانِبَاهُ فُلْفُلًا

قال الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرُ خَضِرًا لِحُسْنِهِ وَإِشْرَاقِ وَجْهِهِ قُلْتُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ مِنَ التَّعْلِيلِ بِأَحَدِهِمَا فَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَوْلَى وَأَقْوَى بَلْ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَا عَدَاهُ وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ هَذَا الْحَدِيثَ أيضا من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْأَيْلِيِّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ وَأَبُو جَزِيٍّ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرُ خَضِرًا لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فَاهْتَزَّتْ خَضْرَاءَ. وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ قَبِيصَةُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرُ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مُوسَى وَيُوشَعَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لَمَّا رَجَعَا يَقُصَّانِ الْأَثَرَ وَجَدَاهُ عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ وَهُوَ مُسَجًّى بِثَوْبٍ قَدْ جُعِلَ طَرَفَاهُ مِنْ تحت رأسه وقدميه فسلم عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَرَدَّ وَقَالَ أَنَّى بِأَرْضِكِ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا قَصَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>