للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يظهر تسبيحا ولا شيئا ولا أكل مع أحد طعاما إلا كان آخر من يرفع يديه.] (١) وقال عبد الله بن المبارك: كان إبراهيم رجلا فاضلا له سرائر ومعاملات بينه وبين الله ﷿ وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا من عمله، ولا أكل مع أحد طعاما إلا كان آخر من يرفع يده. وقال بشر بن الحارث الحافى: أربعة رفعهم الله بطيب المطعم، إبراهيم بن أدهم، وسليمان بن الخواص ووهيب بن الورد، ويوسف بن أسباط. وروى ابن عساكر من طريق معاوية بن حفص قال:

إنما سمع إبراهيم بن أدهم حديثا واحدا فأخذ به فساد أهل زمانه.

قال: حدثنا منصور عن ربعي بن خراش قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله دلني على عمل يحبني الله عليه ويحبني الناس قال: «إذا أردت أن يحبك الله فابغض الدنيا، وإذا أردت أن يحبك الناس فما كان عندك من فضولها فانبذه إليهم» وقال ابن أبى الدنيا: حدثنا أبو الربيع عن إدريس قال: جلس إبراهيم إلى بعض العلماء فجعلوا يتذاكرون الحديث وإبراهيم ساكت، ثم قال: حدثنا منصور ثم سكت فلم ينطق بحرف حتى قام من ذلك المجلس: فعاتبه بعض أصحابه في ذلك! فقال. إني لأخشى مضرة ذلك المجلس في قلبي إلى اليوم. وقال رشدين بن سعد: مر إبراهيم بن أدهم بالأوزاعي وحوله حلقة فقال:

لو أن هذه الحلقة على أبى هريرة لعجز عنهم. فقام الأوزاعي وتركهم. وقال إبراهيم بن بشار قيل لابن أدهم: لم تركت الحديث؟ فقال: إني مشغول عنه بثلاث، بالشكر على النعم، وبالاستغفار من الذنوب، وبالاستعداد للموت، ثم صاح وغشي عليه فسمعوا هاتفا يقول: لا تدخلوا بيني وبين أوليائي.

وقال أبو حنيفة يوما لإبراهيم بن أدهم: قد رزقت من العبادة شيئا صالحا فليكن العلم من بالك فإنه رأس العبادة وقوام الدين. فقال له إبراهيم: وأنت فليكن العبادة والعمل بالعلم من بالك وإلا هلكت. وقال إبراهيم: ماذا أنعم الله على الفقراء لا يسألهم يوم القيامة عن زكاة ولا عن حج ولا عن جهاد ولا عن صلة رحم، وإنما يسأل ويحاسب هؤلاء المساكين الأغنياء. وقال شقيق بن إبراهيم:

لقيت ابن أدهم بالشام وقد كنت رأيته بالعراق وبين يديه ثلاثون شاكريا. فقلت له: تركت ملك خراسان، وخرجت من نعمتك؟ فقال: اسكت ما تهنيت بالعيش إلا هاهنا، أفر بديني من شاهق إلى شاهق، فمن يراني يقول هو موسوس أو حمال أو ملاح، ثم قال: بلغني أنه يؤتى بالفقير يوم القيامة فيوقف بين يدي الله فيقول له: يا عبدي مالك لم تحج؟ فيقول: يا رب لم تعطني شيئا أحج به.

فيقول الله: صدق عبدي اذهبوا به إلى الجنة. وقال أقمت بالشام أربعا وعشرين سنة لم أقم بها لجهاد ولا رباط إنما نزلتها لأشبع من خبز حلال. وقال: الحزن حزنان حزن لك وحزن عليك، فحزنك على الآخرة لك، وحزنك على الدنيا وزينتها عليك. وقال: الزهد ثلاثة، واجب،


(١) زيادة من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>