فجاءته دابة لونها لون النار فركبها وجعل الله له ريشا وألبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وصار ملكيا بشريا سماويا أرضيا وأوصى الى اليسع بن أخطوب ففي هذا نظر وهو من الإسرائيلات التي لا تصدق ولا تكذب بل الظاهر أن صحتها بعيدة والله أعلم.
فاما الحديث الّذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثني أبو العباس أحمد ابن سعيد المعداني ببخارا حدثنا عبد الله بن محمود حدثنا عبدان بن سنان حدثني أحمد بن عبد الله البرقي حدثنا يزيد بن يزيد البلوى حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن مكحول عن أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله ﷺ في سفر فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي يقول اللهمّ اجعلني من أمة محمد ﷺ المرحومة المغفورة المتاب لها قال فأشرفت على الوادي فإذا رجل طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع فقال لي من أنت فقلت أنس بن مالك خادم رسول الله ﷺ قال فأين هو قلت هو ذا يسمع كلامك قال فأته فأقرئه السلام وقل له أخوك الياس يقرئك السلام قال فأتيت النبي ﷺ فأخبرته فجاء حتى لقيه فعانقه وسلم * ثم قعدا يتحادثان فقال له يا رسول الله إني ما آكل في سنة إلا يوما وهذا يوم فطري فآكل أنا وأنت قال فنزلت عليهما مائدة من السماء عليها خبز وحوت وكرفس فأكلا وأطعمانى وصلينا العصر ثم ودعه ورأيت مر في السحاب نحو السماء. فقد كفانا البيهقي أمره وقال هذا حديث ضعيف بمرة والعجب أن الحاكم أبا عبد الله النيسابورىّ أخرجه في مستدركه على الصحيحين وهذا مما يستدرك به على المستدرك فإنه حديث موضوع مخالف للأحاديث الصحاح من وجوه. ومعناه لا يصح أيضا فقد تقدم
في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا في السماء الى أن قال ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن وفيه أنه لم يأت الى رسول الله ﷺ حتى كان هو الّذي ذهب اليه. وهذا لا يصح لانه كان أحق بالسعي الى بين يدي خاتم الأنبياء. وفيه أنه يأكل في السنة مرة وقد تقدم عن وهب أنه سلبه الله لذة المطعم والمشرب وفيما تقدم عن بعضهم أنه يشرب من زمزم كل سنة شربة تكفيه الى مثلها من الحول الآخر. وهذه أشياء متعارضة وكلها باطلة لا يصح شيء منها. وقد ساق ابن عساكر هذا الحديث من طريق أخرى واعترف بضعفها وهذا عجب منه كيف تكلم عليه فإنه أورده من طريق حسين بن عرفة عن هانئ بن الحسن عن بقية عن الأوزاعي عن مكحول عن واثلة عن ابن الأسقع فذكر نحو هذا مطولا وفيه أن ذلك كان في غزوة تبوك وأنه بعث اليه رسول الله ﷺ أنس ابن مالك وحذيفة بن اليمان قالا فإذا هو أعلى جسما بذراعين أو ثلاثة واعتذر بعدم قدرته لئلا تنفر الإبل وفيه أنه لما اجتمع به رسول الله ﷺ أكلا من طعام الجنة وقال إن لي في كل أربعين يوما أكلة وفي المائدة خبز ورمان وعنب وموز ورطب وبقل ما عدا الكراث وفيه أن رسول الله ﷺ سأله عن الخضر فقال عهدي به عام أول وقال لي إنك ستلقاه قبلي فأقرئه منى السلام. وهذا يدل على أن الخضر