منفردا به عن عبد الله بن محمد عن عبد الرزاق به ولفظه خفف على داود القرآن فكان يأمر بدوا به فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه ولا يأكل الا من عمل يديه. ثم قال البخاري ورواه موسى ابن عقبة عن صفوان هو ابن سليم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة عن النبي ﷺ وقد أسنده ابن عساكر في ترجمة داود ﵇ في تاريخه من طرق عن إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة ومن طريق أبى عاصم عن أبى بكر السبرى عن صفوان بن سليم به.
والمراد بالقرآن هاهنا الزبور الّذي أنزله عليه وأوحاه اليه وذكر رواية أشبه أن يكون محفوظا فإنه كان ملكا له اتباع فكان يقرأ الزبور بمقدار ما تسرج الدواب وهذا أمر سريع مع التدبر والترنم والتغني به على وجه التخشع صلوات الله وسلامه عليه وقد قال الله تعالى ﴿وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً﴾ والزبور كتاب مشهور وذكرنا في التفسير الحديث الّذي رواه أحمد وغيره أنه أنزل في شهر رمضان وفيه من المواعظ والحكم ما هو معروف لمن نظر فيه * وقوله ﴿وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ﴾ أي أعطيناه ملكا عظيما وحكما نافذا. روى ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس أن رجلين تداعيا الى داود ﵇ في بقر ادعى أحدهما على الأخر أنه اغتصبها منه فأنكر المدعى عليه فأرجأ أمرهما الى الليل فلما كان الليل أوحى الله اليه أن يقتل المدعى فلما أصبح قال له داود ان الله قد أوحى الى أن أقتلك فانا قاتلك لا محالة فما خبرك فيما أدعيته على هذا قال والله يا نبي الله انى لمحق فيما ادعيت عليه ولكنى كنت اغتلت أباه قبل هذا فأمر به داود فقتل فعظم أمر داود في بنى إسرائيل جدا وخضعوا له خضوعا عظيما. قال ابن عباس وهو قوله تعالى ﴿وَشَدَدْنا مُلْكَهُ﴾ وقوله تعالى ﴿وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ﴾ أي النبوة وفصل الخطاب قال شريح والشعبي وقتادة وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم فصل الخطاب الشهود والأيمان يعنون بذلك البينة على المدعى واليمين على من أنكر. وقال مجاهد والسدي هو اصابة القضاء وفهمه. وقال مجاهد هو الفصل في الكلام وفي الحكم واختاره ابن جرير وهذا لا ينافي ما روى عن أبى موسى أنه قول (اما بعد). وقال وهب بن منبه لما كثر الشر وشهادات الزور في بنى إسرائيل أعطى داود سلسلة لفصل القضاء فكانت ممدودة من السماء الى صخرة بيت المقدس وكانت من ذهب فإذا تشاجر الرجلان في حق فأيهما كان محقا نالها والآخر لا يصل اليها فلم تزل كذلك حتى أودع رجل رجلا لؤلؤة فجحدها منه واتخذ عكازا وأودعها فيه فلما حضرا عند الصخرة تناولها المدعى فلما قيل للآخر خذها بيدك عمد الى العكاز فأعطاه المدعى وفيه تلك اللؤلؤة وقال اللهمّ انك تعلم أنى دفعتها اليه ثم تناول السلسلة فنالها فأشكل أمرها على بنى إسرائيل. ثم رفعت سريعا من بينهم. ذكره بمعناه غير واحد من المفسرين. وقد رواه إسحاق بن بشر عن إدريس ابن سنان عن وهب به بمعناه ﴿وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ﴾