ما فعلها أحد. وعفا عنه. قال الخطيب: حدثني الأزهري ثنا أحمد بن عمر الواعظ حدثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك حدثني جرير بن أحمد أبو مالك قال: كان أبى يعنى أحمد بن أبى دؤاد - إذا صلى رفع يديه إلى السماء وخاطب ربه وأنشأ يقول:
ما أنت بالسبب الضعيف وإنما … نجح الأمور بقوة الأسباب
واليوم حاجتنا إليك وإنما … يدعى الطبيب لساعة الأوصاب
ثم روى الخطيب أن أبا تمام دخل على ابن أبى دؤاد يوما فقال له: أحسبك عاتبا، فقال: إنما يعتب على واحد وأنت الناس جميعا. فقال له: أنى لك هذا؟ فقال: من قول أبى نواس:
وليس على الله بمستنكر … أن يجمع العالم في واحد
وامتدحه أبو تمام يوما فقال:
لقد ألست مساوى كل دهر … محاسن أحمد بن أبى دؤاد
وما سافرت في الآفاق إلا … ومن جدواك راحلتي وزادي
نعم الظن عندك والأماني … وإن قتلت ركابي في البلاد
فقال له: هذا المعنى تفردت به أو أخذته من غيرك؟ فقال: هو لي، غير أنى ألمحت بقول أبى نواس:
وإن جرت الألفاظ يوما بمدحة … لغيرك إنسانا فأنت الّذي نعنى
وقال محمد بن الصولي: ومن مختار مديح أبى تمام لأحمد بن أبى دؤاد قوله:
أحمد إن الحاسدين كثير … ومالك إن عد الكرام نظير
حللت محلا فاضلا متقادما … من المجد والفخر القديم فخور
فكل غنى أو فقير فإنه … إليك وإن نال السماء فقير
إليك تناهى المجد من كل وجهة … يصير فما يعدوك حيث يصير
وبدر إياد أنت لا ينكرونه … كذاك إياد للأنام بدور
تجنبت أن تدعى الأمير تواضعا … وأنت لمن يدعى الأمير أمير
فما من يد إلا إليك ممدّة … وما رفعة إلا إليك تشير
قلت: قد أخطأ الشاعر في هذه الأبيات خطأ كبيرا، وأفحش في المبالغة فحشا كثيرا، ولعله إن اعتقد هذا في مخلوق ضعيف مسكين ضال مضل، أن يكون له جهنم وساءت مصيرا. وقال ابن أبى دؤاد يوما لبعضهم: لما لم لا تسألنى؟ فقال له: لأني لو سألتك أعطيتك ثمن صلتك. فقال له:
صدقت. وأرسل إليه بخمسة آلاف درهم.
وقال ابن الأعرابي: سأل رجل ابن أبى دؤاد أن يحمله على عير فقال: يا غلام أعطه عيرا وبغلا