للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو من ولدى، فسيلى عليهم المكتفي ثم لا تطول أيامه لعلته التي به - وهي داء الخنازير - ثم يموت فيلي الناس جعفر هذا الغلام، فيذهب جميع أموال بيت المال إلى الحظايا لشغفه بهن، وقرب عهده من تشببه بهن، فتضيع أمور المسلمين وتعطل الثغور وتكثر الفتن والهرج والخوارج والشرور. قال صافى: والله لقد شاهدت ما قاله سواء بسواء.

وروى ابن الجوزي عن بعض خدم المعتضد قال: كان المعتضد يوما نائما وقت القائلة ونحن حول سريره فاستيقظ مذعورا ثم صرح بنا فجئنا إليه فقال: ويحكم اذهبوا إلى دجلة فأول سفينة تجدوها فارغة منحدرة فأتونى بملاحها واحتفظوا بالسفينة. فذهبنا سراعا فوجدنا ملاحا في سميرية فارغة منحدرا فأتينا به الخليفة فلما رأى الملاح الخليفة كاد أن يتلف، فصاح به الخليفة صيحة عظيمة فكادت روح الملاح تخرج فقال له الخليفة: ويحك يا ملعون، اصدقنى عن قصتك مع المرأة التي قتلتها اليوم وإلا ضربت عنقك قال فتلعثم ثم قال: نعم يا أمير المؤمنين كنت اليوم سحرا في مشرعتى الفلانية، فنزلت امرأة لم أر مثلها وعليها ثياب فاخرة وحلى كثير وجوهر، فطمعت فيها واحتلت عليها فشددت فاها وغرقتها وأخذت جميع ما كان عليها من الحلي والقماش، وخشيت أن أرجع به إلى منزلي فيشتهر خبرها، فأردت الذهاب به إلى واسط فلقيني هؤلاء الخدم فأخذونى. فقال:

وأين حليها؟ فقال: في صدر السفينة تحت البواري. فأمر الخليفة عند ذلك بإحضار الحلي فجيء به فإذا هو حلى كثير يساوى أموالا كثيرة، فأمر الخليفة بتغريق الملاح في المكان الّذي غرق فيه المرأة، وأمر أن ينادى على أهل المرأة ليحضروا حتى يتسلموا مال المرأة. فنادى بذلك ثلاثة أيام في أسواق بغداد وأزقتها فحضروا بعد ثلاثة أيام فدفع إليهم ما كان من الحلي وغيره مما كان للمرأة، ولم يذهب منه شيء. فقال له خدمه: يا أمير المؤمنين من أين علمت هذا؟ قال: رأيت في نومي تلك الساعة شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب وهو ينادى: يا أحمد يا أحمد، خذ أول ملاح ينحدر الساعة فاقبض عليه وقرره عن خبر المرأة التي قتلها اليوم وسلبها، فأقم عليه الحد. وكان ما شاهدتم.

وقال جعيف السمرقندي الحاجب: كنت مع مولاي المعتضد في بعض متصيداته وقد انقطع عن العسكر وليس معه غيري، إذ خرج علينا أسد فقصد قصدنا فقال لي المعتضد: يا جعيف أفيك خير اليوم؟ قلت: لا والله. قال: ولا أن تمسك فرسي وأنزل أنا؟ فقلت: بلى. قال: فنزل عن فرسه وغرز أطراف ثيابه في منطقته واستل سيفه ورمى بقرابه إلى ثم تقدم إلى الأسد فوثب الأسد عليه فضربه بالسيف فأطار يده فاشتغل الأسد بيده فضربه ثانية على هامته ففلقها، فخر الأسد صريعا فدنا منه فمسح سيفه في صوفه ثم أقبل إلى فأغمد سيفه في قرابه، ثم ركب فرسه فذهبنا إلى العسكر. قال وصحبته إلى أن مات فما سمعته ذكر ذلك لأحد، فما أدرى من أي شيء أعجب؟ من

<<  <  ج: ص:  >  >>