بى فأكرمك وأواسيك وان أحببت أن تقيم في بلادك فقد أمنتك) قال له أرميا إني لم أزل في أمان الله منذ كنت لم أخرج منه ساعة قط ولو أن بنى إسرائيل لم يخرجوا منه لم يخافوك ولا غيرك ولم يكن لك عليهم سلطان فلما سمع بخت نصّر هذا القول منه تركه فأقام أرميا مكانه بأرض إيليا. وهذا سياق غريب. وفيه حكم ومواعظ وأشياء مليحة وفيه من جهة التعريب غرابة.
وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبي كان نصر أصفهبذا لما بين الأهواز الى الروم للملك على الفرس وهو لهراسب وكان قد بنى مدينة بلخ التي تلقب بالخنساء وقاتل الترك والجأهم الى أضيق الأماكن وبعث نصر لقتال بنى إسرائيل بالشام فلما قدم الشام صالحه أهل دمشق وقد قيل إن الّذي بعث بخت نصّر إنما هو بهمن ملك الفرس بعد بشتاسب بن لهراسب وذلك لتعدى بنى إسرائيل على رسله اليهم. وقد روى ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى عن بن وهب عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أن نصر لما قدم دمشق وجد بها دما يغلي على كبا يعنى القمامة فسألهم ما هذا الدم فقالوا أدركنا آباءنا على هذا وكلما ظهر عليه الكبا ظهر قال فقتل على ذلك سبعين الفا من المسلمين وغيرهم فسكن. وهذا إسناد صحيح الى سعيد بن المسيب وقد تقدم من كلام الحافظ بن عساكر ما يدل على أن هذا دم يحيى بن زكريا وهذا لا يصح لأن يحيى بن زكريا بعد نصر بمدة والظاهر أن هذا دم نبي متقدم أو دم لبعض الصالحين أو لمن شاء الله ممن الله أعلم به.
قال هشام بن الكلبي ثم قدم نصر بيت المقدس فصالحه ملكها وكان من آل داود وصانعه عن بنى إسرائيل وأخذ منه نصر رهائن ورجع. فلما بلغ طبرية بلغه أن بنى إسرائيل ثاروا على ملكهم فقتلوه لأجل أنه صالحه فضرب رقاب من معه من الرهائن ورجع اليهم فاخذ المدينة عنوة. وقتل المقاتلة وسبى الذرية. قال وبلغنا أنه وجد في السجن أرميا النبي فأخرجه وقص عليه ما كان من أمره إياهم وتحذيره لهم عن ذلك فكذبوه وسجنوه فقال نصر بئس القوم قوم عصوا رسول الله وخلى سبيله وأحسن اليه واجتمع اليه من بقي من ضعفاء بنى إسرائيل فقالوا إنا قد أسأنا وظلمنا ونحن نتوب الى الله ﷿ مما صنعنا فادع الله أن يقبل توبتنا فدعا ربه فأوحى الله اليه أنه غير فاعل فان كانوا صادقين فليقيموا معك بهذه البلدة فأخبرهم ما أمره الله تعالى به فقالوا كيف نقيم بهذه البلدة وقد خربت وغضب الله على أهلها فأبوا ان يقيموا.
قال ابن الكلبي ومن ذلك الزمان تفرقت بنو إسرائيل في البلاد فنزلت طائفة منهم الحجاز وطائفة يثرب وطائفة وادي القرى وذهبت شرذمة منهم الى مصر فكتب نصر الى ملكها يطلب منه من شرد منهم اليه فأبى عليه فركب في جيشه فقاتله وقهره وغلبه وسبى ذراريهم. ثم ركب الى بلاد المغرب حتى بلغ أقصى تلك الناحية. قال ثم انصرف بسبي كثير من أرض المغرب ومصر وأهل بيت