للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلها ليس معه إله ولكن الله يكون إلها في السماء وتكون أنت إلها في الأرض فلما سمع عيسى ذلك منه استغاث بربه وصرخ صرخة شديدة فإذا إسرافيل قد هبط فنظر اليه جبريل وميكائيل فكف إبليس فلما استقر معهم ضرب إسرافيل إبليس بجناحه فصك به عين الشمس ثم ضربه ضربة أخرى فاقبل إبليس يهوى ومر عيسى وهو بمكانه فقال يا عيسى لقد لقيت فيك اليوم تعبا شديدا فرمى به في عين الشمس فوجد سبعة أملاك عند العين الحامية قال فغطوه فجعل كلما صرخ غطوه في تلك الحمأة قال والله ما عاد اليه بعد. قال وحدثنا إسماعيل العطار حدثنا أبو حذيفة قال واجتمع اليه شياطينه فقالوا سيدنا قد لقيت تعبا قال إن هذا عبد معصوم ليس لي عليه من سبيل وسأضل به بشرا كثيرا وأبث فيهم أهواء مختلفة واجعلهم شيعا ويجعلونه وأمه إلهين من دون الله قال وأنزل الله فيما أيد به عيسى وعصمه من إبليس قرآنا ناطقا بذكر نعمته على عيسى فقال ﴿يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ يعنى إذ قويتك بروح القدس يعنى جبريل ﴿تُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ الآية كلها وإذ جعلت المساكين لك بطانة وصحابة وأعوانا ترضى بهم وصحابة وأعوانا يرضون بك هاديا وقائدا الى الجنة فذلك فاعلم خلقان عظيمان من لقيني بهما فقد لقيني بأزكى الخلائق وأرضاها عندي وسيقول لك بنو إسرائيل صمنا فلم يتقبل صيامنا وصلينا فلم يقبل صلاتنا وتصدقنا فلم يقبل صدقاتنا وبكينا بمثل حنين الجمال فلم يرحم بكاؤنا فقل لهم ولم ذلك وما الّذي يمنعني إن ذات يدي قلت أو ليس خزائن السموات والأرض بيدي أنفق منها كيف أشاء وان البخل لا يعتريني أولست أجود من سأل وأوسع من اعطى أوان رحمتي ضاقت وانما يتراحم المتراحمون بفضل رحمتي ولولا أن هؤلاء القوم يا عيسى بن مريم عدوا أنفسهم بالحكمة التي تورث في قلوبهم ما استأثروا به الدنيا أثره على الآخرة لعرفوا من أين أوتوا وإذا لا يقنوا ان أنفسهم هي أعدى الأعداء لهم وكيف اقبل صيامهم وهم يتقوون عليه بالأطعمة الحرام وكيف أقبل صلاتهم وقلوبهم تركن الى الذين يحاربونى ويستحلون محارمي وكيف أقبل صدقاتهم وهم يغصبون الناس عليها فيأخذونها من غير حلها * يا عيسى انما أجزى عليها أهلها وكيف أرحم بكاءهم وأيديهم تقطر من دماء الأنبياء ازددت عليهم غضبا * يا عيسى وقضيت يوم خلقت السموات والأرض أنه من عبدني وقال فيكما بقولي أن أجعلهم جيرانك في الدار ورفقاءك في المنازل وشركاءك في الكرامة وقضيت يوم خلقت السموات والأرض أنه من اتخذك وأمك إلهين من دون الله أن أجعلهم في الدرك الأسفل من النار وقضيت يوم خلقت السموات والأرض أنى مثبت هذا الأمر على يدي عبدي محمد وأختم به الأنبياء والرسل ومولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يزر بالفحش ولا قوال بالخنا أسدده لكل أمر جميل واهب له كل خلق كريم واجعل التقوى ضميره والحكم معقولة والوفاء طبيعته والعدل سيرته والحق شريعته والإسلام ملته اسمه أحمد أهدى به بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>