الضلالة وأعلم به بعد الجهالة واغنى به بعد العائلة وارفع به بعد الضيعة أهدى به وافتح به بين آذان صم وقلوب غلف وأهواء مختلفة متفرقة أجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر إخلاصا لاسمى وتصديقا لما جاءت به الرسل الهمهم التسبيح والتقديس والتهليل في مساجدهم ومجالسهم وبيوتهم ومنقلبهم ومثواهم يصلون لي قياما وقعودا وركعا وسجودا ويقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا قرباتهم دماؤهم وأناجيلهم في صدورهم وقربانهم في بطونهم رهبان بالليل ليوث في النهار ذلك فضلي أوتيه من أشاء وانا ذو الفضل العظيم.
وسنذكر ما يصدق كثيرا من هذا السياق مما سنورده من سورتي المائدة والصف إن شاء الله وبه الثقة * وقد روى أبو حذيفة إسحاق بن بشر بأسانيده عن كعب الأحبار ووهب بن منبه وابن عباس وسلمان الفارسي دخل حديث بعضهم في بعض قالوا لما بعث عيسى بن مريم وجاءهم بالبينات جعل المنافقون والكافرون من بنى إسرائيل يعجبون منه ويستهزءون به فيقولون ما أكل فلان البارحة وما ادخر في منزله فيخبرهم فيزداد المؤمنون ايمانا والكافرون والمنافقون شكا وكفرانا وكان عيسى مع ذلك ليس له منزل يأوى اليه انما يسيح في الأرض ليس له قرار ولا موضع يعرف به فكان أول ما أحيا من الموتى أنه مر ذات يوم على امرأة قاعدة عند قبر وهي تبكى فقال لها مالك أيتها المرأة فقالت ماتت ابنة لي لم يكن لي ولد غيرها وانى عاهدت ربى أن لا أبرح من موضعي هذا حتى أذوق ما ذاقت من الموت أو يحييها الله لي فانظر اليها فقال لها عيسى أرأيت إن نظرت اليها أراجعة أنت قالت نعم قالوا فصلى ركعتين ثم جاء فجلس عند القبر فنادى يا فلانة قومي باذن الرحمن فاخرجى قال فتحرك القبر ثم نادى الثانية فانصدع القبر باذن الله ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب فقال لها عيسى ما أبطأ بك عنى فقالت لما جاءتني الصيحة الاولى بعث الله لي ملكا فركب خلقي ثم جاءتني الصيحة الثانية فرجع الى روحي ثم جاءتني الصيحة الثالثة فخفت أنها صيحة القيامة فشاب رأسي وحاجباى واشفار عيني من مخافة القيمة ثم أقبلت على أمها فقالت يا أماه ما حملك على ان أذوق كرب الموت مرتين يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا يا روح الله وكلمته سل ربى أن يردني الى الآخرة وان يهون على كرب الموت فدعا ربه فقبضها اليه واستوت عليها الأرض فبلغ ذلك اليهود فازدادوا عليه غضبا وقدمنا في عقيب قصة نوح أن بنى إسرائيل سألوه أن يحيى لهم سام بن نوح فدعا الله ﷿ وصلّى لله فأحياه الله لهم فحدثهم عن السفينة وأمرها ثم دعا فعاد ترابا. وقد روى السدي عن أبى صالح وأبى مالك عن ابن عباس في خبر ذكره وفيه أن ملكا من ملوك بنى إسرائيل مات وحمل على سريره فجاء عيسى ﵇ فدعا الله ﷿ فأحياه الله ﷿ فرأى الناس أمرا هائلا ومنظرا عجيبا قال الله تعالى وهو أصدق القائلين ﴿إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ﴾