للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ * وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنّا وَاِشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ يذكره تعالى بنعمته عليه وإحسانه اليه في خلقه إياه من غير أب بل من أم بلا ذكر وجعله له آية للناس ودلالة على كمال قدرته تعالى ثم إرساله بعد هذا كله ﴿وَعَلى والِدَتِكَ﴾ في اصطفائها واختيارها لهذه النعمة العظيمة واقامة البرهان على براءتها مما نسبها اليه الجاهلون ولهذا قال ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ وهو جبريل بإلقاء روحه الى أمه وقرنه معه في حال رسالته ومدافعته عنه لمن كفر به ﴿تُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً﴾ أي تدعو الناس الى الله في حال صغرك في مهدك وفي كهولتك ﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ أي الخط والفهم نص عليه بعض السلف ﴿وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ وقوله ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي﴾ أي تصوره وتشكله من الطين على هيئته عن أمر الله له بذلك ﴿فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي﴾ أي بأمري يؤكد تعال بذكر الاذن له في ذلك لرفع التوهم وقوله ﴿وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ﴾ قال بعض السلف وهو الّذي يولد أعمى ولا سبيل لأحد من الحكماء الى مداواته ﴿وَالْأَبْرَصَ﴾ هو الّذي لا طب فيه بل قد مرض بالبرص وصار داؤه عضالا ﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى﴾ أي من قبورهم أحياء بإذني وقد تقدم ما فيه دلالة على وقوع ذلك مرارا متعددة مما فيه كفاية. وقوله ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ وذلك حين أرادوا صلبه فرفعه الله اليه وأنقذه من بين أظهرهم صيانة لجنابة الكريم عن الأذى وسلامة له من الردى وقوله ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنّا وَاِشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ﴾ قيل المراد بهذا الوحي وحي الهام أي أرشدهم الله اليه ودلهم عليه كما قال ﴿وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ ﴿وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾ وقيل المراد وحي بواسطة الرسول وتوفيق في قلوبهم لقبول الحق ولهذا استجابوا قائلين ﴿آمَنّا وَاِشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ﴾ وهذا من جملة نعم الله على عبده ورسوله عيسى بن مريم أن جعل له أنصارا وأعوانا ينصرونه ويدعون معه الى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى لعبده محمد ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وقال تعالى ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ * وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>