للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْرَى حَتَّى فَتَحَهَا قَهْرًا، ثُمَّ قَتَلَ كُلَّ مَنْ فِيهَا وَكُلَّ مَنْ فِي الْبَلَدِ بِكَمَالِهِ خاصة وعامة، ثم قصدوا مدينة مرو مع جنكزخان فقد عَسْكَرَ بِظَاهِرِهَا نَحْوٌ مَنْ مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ فَاقْتَتَلُوا مَعَهُ قِتَالًا عَظِيمًا حتى انكسر المسلمون ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦، ثُمَّ حَصَرُوا الْبَلَدَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَاسْتَنْزَلُوا نَائِبَهَا خَدِيعَةً ثُمَّ غَدَرُوا به وبأهل البلد فقتلوهم وغنموهم وسلبوهم وَعَاقَبُوهُمْ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ، حَتَّى إِنَّهُمْ قَتَلُوا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، ثُمَّ سَارُوا إلى نيسابور ففعلوا فيها ما فَعَلُوا بِأَهْلِ مَرْوَ، ثُمَّ إِلَى طُوسَ فَقَتَلُوا وخربوا مشهد على بن موسى الرضى سلام الله عليه وعلى آبائه، وخربوا تربة الرشيد الخليفة فتركوه خرابا، ثُمَّ سَارُوا إِلَى غَزْنَةَ فَقَاتَلَهُمْ جَلَالُ الدِّينِ بن خوارزم شاه فكسرهم ثُمَّ عَادُوا إِلَى مَلِكِهِمْ جِنْكِزْخَانَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ، وَأَرْسَلَ جِنْكِزْخَانُ طَائِفَةً أُخْرَى إِلَى مَدِينَةِ خُوَارَزْمَ فَحَاصَرُوهَا حَتَّى فَتَحُوا الْبَلَدَ قَهْرًا فَقَتَلُوا مَنْ فِيهَا قَتْلًا ذَرِيعًا، وَنَهَبُوهَا وَسَبَوْا أَهْلَهَا وأرسلوا الجسر الّذي يمنع ماء جيحون منها فَغَرِقَتْ دُورُهَا وَهَلَكَ جَمِيعُ أَهْلِهَا ثُمَّ عَادُوا إلى جِنْكِزْخَانَ وَهُوَ مُخَيِّمٌ عَلَى الطَّالَقَانِ فَجَهَّزَ مِنْهُمْ طَائِفَةً إِلَى غَزْنَةَ فَاقْتَتَلَ مَعَهُمْ جَلَالُ الدِّينِ بْنُ خُوَارَزْمِ شَاهْ فَكَسَرَهُمْ جَلَالُ الدِّينِ كَسْرَةً عَظِيمَةً، وَاسْتَنْقَذَ مِنْهُمْ خَلْقًا مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى جِنْكِزْخَانَ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَبْرُزَ بِنَفْسِهِ لِقِتَالِهِ، فَقَصَدَهُ جِنْكِزْخَانُ فَتَوَاجَهَا وَقَدْ تَفَرَّقَ عَلَى جَلَالِ الدِّينِ بَعْضُ جَيْشِهِ وَلَمْ يَبْقَ بُدٌّ مِنَ الْقِتَالِ، فَاقْتَتَلُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لم يعهد قبلها مثلها من قتالهم، ثم ضعفت أصحاب جلال الدين فذهبوا فركبوا بَحْرِ الْهِنْدِ فَسَارَتِ التَّتَارُ إِلَى غَزْنَةَ فَأَخَذُوهَا بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا مُمَانَعَةٍ، كُلُّ هَذَا أَوْ أكثره وقع في هذه السنة.

وفيها أَيْضًا تَرَكَ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ لِأَخِيهِ شِهَابِ الدِّينِ غَازِيٍّ مُلْكَ خِلَاطَ وَمَيَّافَارِقِينَ وَبِلَادَ أرمينية واعتاض عن ذلك بِالرُّهَا وَسَرُوجَ، وَذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِ عَنْ حِفْظِ تِلْكَ النَّوَاحِي بِمُسَاعَدَةِ أَخِيهِ الْكَامِلِ وَنُصْرَتِهِ عَلَى الْفِرِنْجِ لعنهم الله تعالى. وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا هَبَّتْ رِيَاحٌ بِبَغْدَادَ وَجَاءَتْ بُرُوقٌ وَسُمِعَتْ رُعُودٌ شَدِيدَةٌ وَسَقَطَتْ صَاعِقَةٌ بِالْجَانِبِ الغربي على المنارة المجاورة لعون ومعين فَثَلَمَتْهَا، ثُمَّ أُصْلِحَتْ، وَغَارَتِ الصَّاعِقَةُ فِي الْأَرْضِ. وفي هذه السنة نصب محراب الحنابلة في الرواق الثَّالِثِ الْغَرْبِيِّ مِنْ جَامِعِ دِمَشْقَ بَعْدَ مُمَانَعَةٍ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ لَهُمْ، وَلَكِنْ سَاعَدَهُمْ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ فِي نَصْبِهِ لَهُمْ، وَهُوَ الْأَمِيرُ رُكْنُ الدِّينِ الْمُعَظَّمِيُّ، وَصَلَّى فِيهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدَامَةَ. قُلْتُ: ثُمَّ رُفِعَ فِي حُدُودِ سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَعُوِّضُوا عَنْهُ بِالْمِحْرَابِ الْغَرْبِيِّ عِنْدَ بَابِ الزِّيَارَةِ، كَمَا عُوِّضَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ مِحْرَابِهِمُ الَّذِي كَانَ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنَ الْجَامِعِ بِالْمِحْرَابِ الْمُجَدَّدِ لَهُمْ شَرْقِيَّ بَابِ الزِّيَارَةِ، حِينَ جُدِّدَ الْحَائِطُ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي الْأَيَّامِ التُّنْكُزِيَّةِ، عَلَى يَدَيْ نَاظِرِ الْجَامِعِ تَقِيِّ الدين ابن مَرَاجِلَ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهَا قَتَلَ صَاحِبُ سِنْجَارَ أَخَاهُ فَمَلَكَهَا مُسْتَقِلًّا بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>