للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانما نبهنا عليه لان كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد وان المذكور في القرآن هو الّذي كان ارطاطاليس وزيره فيقع بسبب ذلك خطأ كبير وفساد عريض طويل كثير فان الأول كان عبدا مؤمنا صالحا وملكا عادلا وكان وزيره الخضر وقد كان نبيا على ما قررناه قبل هذا. وأما الثاني فكان مشركا وكان وزيره فيلسوفا وقد كان بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة. فأين هذا من هذا لا يستويان ولا يشتبهان إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور * فقوله تعالى ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ كان سببه أن قريشا سألوا اليهود عن شيء يمتحنون به علم رسول الله فقالوا لهم سلوه عن رجل طواف في الأرض وعن فتية خرجوا لا يدرى ما فعلوا فأنزل الله تعالى قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين. ولهذا قال ﴿قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً﴾ أي من خبره وشأنه ﴿ذِكْراً﴾ أي خبرا نافعا كافيا في تعريف امره وشرح حاله فقال ﴿إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً﴾ أي وسعنا مملكته في البلاد وأعطيناه من آلات المملكة ما يستعين به على تحصيل ما يحاوله من المهمات العظيمة والمقاصد الجسيمة.

قال قتيبة عن أبى عوانة عن سماك عن حبيب بن حماد قال كنت عند على بن أبى طالب وسأله رجل عن ذي القرنين كيف بلغ المشرق والمغرب فقال له (سخر له السحاب ومدت له الأسباب وبسط له في النور) وقال أزيدك فسكت الرجل وسكت على . وعن أبى إسحاق السبيعي عن عمرو بن عبد الله الوادعي سمعت معاوية يقول: ملك الأرض أربعة. سليمان بن داود النبي . وذو القرنين ورجل من أهل حلوان. ورجل آخر. فقيل له الخضر قال لا * وقال الزبير بن بكار حدثني إبراهيم بن المنذر عن محمد بن الضحاك عن أبيه عن سفيان الثوري قال بلغني أنه ملك الأرض كلها أربعة (مؤمنان وكافران سليمان النبي وذو القرنين ونمرود وبخت نصّر) وهكذا قال سعيد بن بشير سواء وقال إسحاق بن بشر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن قال (كان ذو القرنين ملك بعد النمرود وكان من قصته أنه كان رجلا مسلما صالحا أتى المشرق والمغرب مد الله له في الأجل ونصره حتى قهر البلاد واحتوى على الأموال وفتح المدائن وقتل الرجال وجال في البلاد والقلاع فسار حتى أتى المشرق والمغرب فذلك قول الله ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً﴾ أي خبرا ﴿إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً﴾ أي علما بطلب أسباب المنازل * قال إسحاق وزعم مقاتل أنه كان يفتح المدائن ويجمع الكنوز فمن اتبعه على دينه وتابعه عليه وإلا قتله. وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعبيد بن يعلى والسدي وقتادة والضحاك ﴿وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً﴾ يعنى علما وقال قتادة ومطر الوراق معالم الأرض ومنازلها واعلامها وآثارها وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يعنى تعليم الالسنة كان لا يغزو قوما إلا حدثهم بلغتهم والصحيح أنه يعم كل سبب يتوصل به الى نيل مقصوده في المملكة وغيرها فإنه كان يأخذ من كل إقليم من الأمتعة

<<  <  ج: ص:  >  >>