والمشهور عن الجمهور أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا وقد ذكره الله تعالى في القرآن فاثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الّذي هو أحب الخلق اليه وهو أشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به أن قال ﴿يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾. فنهاه عنه وحذره منه. وقد
قال البخاري حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ شق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم فقال رسول الله ﷺ إنه ليس بذاك ألم تسمع الى قول لقمان ﴿يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ رواه مسلم من حديث سليمان بن مهران الأعمش به ثم اعترض تعالى بالوصية بالوالدين وبيان حقهما على الولد وتأكده وأمر بالإحسان اليهما حتى ولو كانا مشركين ولكن لا يطاعان على الدخول في دينهما الى أن قال مخبرا عن لقمان فيما وعظ به ولده ﴿يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ ينهاه عن ظلم الناس ولو بحبة خردل فان الله يسأل عنها ويحضرها حوزة الحساب ويضعها في الميزان كما قال تعالى ﴿إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ وقال تعالى ﴿وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ﴾ وأخبره أن هذا الظلم لو كان في الحقارة كالخردلة ولو كان في جوف صخرة صماء لا باب لها ولا كوة أو لو كانت ساقطة في شيء من ظلمات الأرض أو السموات في اتساعهما وامتداد أرجائهما لعلم الله مكانها ﴿إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ أي علمه دقيق فلا يخفى عليه الذر مما تراءى للنواظر أو توارى كما قال تعالى ﴿وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ﴾ وقال ﴿وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ﴾ وقال ﴿عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ﴾ وقد زعم السدي في خبره عن الصحابة أن المراد بهذه الصخرة الصخرة التي تحت الأرضين السبع وهكذا حكى عن عطية العوفيّ وأبى مالك والثوري والمنهال بن عمر وغيرهم وفي صحة هذا القول من أصله نظر. ثم ان في هذا هو المراد نظر آخر فان هذه الآية نكرة غير معرفة فلو كان المراد بها ما قالوه لقال فتكن في الصخرة وانما المراد فتكن في صخرة أي صخرة كانت كما
قال الامام احمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبي سعيد الخدريّ عن رسول الله ﷺ قال لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان ثم قال ﴿يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ﴾ أي أدها بجميع واجباتها من حدودها وأوقاتها وركوعها وسجودها وطمأنينتها وخشوعها وما شرع فيها واجتنب ما ينهى عنه فيها. ثم قال ﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَاِنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ أي بجهدك وطاقتك أي ان استطعت باليد فباليد والا فبلسانك فان لم تستطع فبقلبك ثم أمره بالصبر فقال ﴿وَاِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ﴾ وذلك ان