قضاء العسكر إليه، وأن ينظر الأوقاف فلا يشاركه أحد في الاستنابة في البلاد الشامية على عادة من تقدمه من قضاة الشافعية، وجاء مرسوم لشمس الدين أبى طالب بن حميد بنظر الجيش عوضا عن ابن شيخ السلامية بحكم إقامته بمصر، ثم بعد أيام وصل الصدر معين الدين هبة الله بن خشيش ناظر الجيش وجعل ابن حميد بوظيفة ابن البدر، وسافر ابن البدر على نظر جيش طرابلس، وتولى أرغون نيابة مصر وعاد فخر الدين كاتب المماليك إلى وظيفته مع استمرار قطب الدين بن شيخ السلامية مباشرا معه.
وفي هذا الشهر قام الشيخ محمد بن قوام ومعه جماعة من الصالحين على ابن زهرة المغربي الّذي كان يتكلم بالكلاسة وكتبوا عليه محضرا يتضمن استهانته بالمصحف، وأنه يتكلم في أهل العلم، فأحضر إلى دار العدل فاستسلم وحقن دمه وعزر تعزيرا بليغا عنيفا وطيف به في البلد باطنه وظاهره، وهو مكشوف الرأس ووجهه مقلوب وظهره مضروب، ينادى عليه هذا جزاء من يتكلم في العلم بغير معرفة، ثم حبس وأطلق فهرب إلى القاهرة، ثم عاد على البريد في شعبان ورجع إلى ما كان عليه.
وفيها قدم بهادرآص من نيابة صغد إلى دمشق وهنأه الناس، وفيها قدم كتاب من السلطان إلى دمشق أن لا يولى أحد بمال ولا برشوة فان ذلك يفضي إلى ولاية من لا يستحق الولاية، وإلى ولاية غير الأهل، فقرأه ابن الزملكانى على السدة وبلغه عنه ابن حبيب المؤذن، وكان سبب ذلك الشيخ تقى الدين بن تيمية ﵀.
وفي رجب وشعبان حصل للناس خوف بدمشق بسبب أن التتر قد تحركوا للمجيء إلى الشام، فانزعج الناس من ذلك وخافوا، وتحول كثير منهم إلى البلد، وازدحموا في الأبواب، وذلك في شهر رمضان وكثرت الأراجيف بأنهم قد وصلوا إلى الرحبة، وكذلك جرى واشتهر بأن ذلك بإشارة قراسنقر وذويه فالله أعلم. وفي رمضان جاء كتاب السلطان أن من قتل لا يجنى أحد عليه، بل يتبع القاتل حتى يقتص منه بحكم الشرع الشريف، فقرأه ابن الزملكانى على السدة بحضرة نائب السلطنة ابن تنكز وسببه ابن تيمية، هو أمر بذلك وبالكتاب الأول قبله. وفي أول رمضان وصل التتر إلى الرحبة فحاصروها عشرين يوما وقاتلهم نائبها الأمير بدر الدين موسى الأزدكشى خمسة أيام قتالا عظيما، ومنعهم منها فأشار رشيد الدولة بأن ينزلوا إلى خدمة السلطان خربندا ويهدوا له هدية ويطلبون منه العفو، فنزل القاضي نجم الدين إسحاق وأهدوا له خمسة رءوس خيل، وعشرة أباليج سكر، فقبل ذلك ورجع إلى بلاده، وكانت بلاد حلب وحماة وحمص قد أجلوا منها وخرب أكثرها ثم رجعوا إليها لما تحققوا رجوع التتر عن الرحبة، وطابت الاخبار وسكنت النفوس ودقت البشائر وتركت الأئمة القنوت، وخطب الخطيب يوم العيد وذكر الناس بهذه النعمة. وكان سبب رجوع التتر قلة العلف