للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للصلاة عليه فصلى عليه خارج باب النصر حيث يصلى على الجنائز، وذهبوا به إلى نحو القبلة، ورام بعض أهله أن يدفن في تربة غبريال إلى جانب جامع القبيبات، فلم يمكن ذلك، فدفن قبلي الجامع على حافة الطريق، ولم يتهيأ دفنه إلا إلى بعد الظهر من يومئذ، وعملوا عنده ختمة ليلة الجمعة وسامحه.

واشتهر في أوائل هذا الشهر أن الحصار عمال على الكرك، وأن أهل الكرك خرجت طائفة منهم فقتل منهم خلق كثير، وقتل من الجيش واحد في الحصار، فنزل القاضي وجماعة ومعهم شيء من الجوهر، وتراضوا على أن يسلموا البلد، فلما أصبح أهل الحصن تحصنوا ونصبوا المجانيق واستعدوا فلما كان بعد أيام رموا منجنيق الجيش فكسروا السهم الّذي له، وعجزوا عن نقله فحرقوه برأي أمراء المقدمين، وجرت أمور فظيعة، فالله يحسن العاقبة.

ثم وقعت في أواخر هذا الشهر بين الجيش وأهل الكرك وقعة أخرى، وذلك أن جماعة من رجال الكرك خرجوا إلى الجيش ورموهم بالنشاب فخرج الجيش لهم من الخيام ورجعوا مشاة ملبسين بالسلاح فقتلوا من أهل الكرك جماعة من النصارى وغيرهم، وجرح من العسكر خلق، وقتل واحد أو اثنان وأسر الأمير سيف الدين أبو بكر بن بهادر آص، وقتل أمير العرب، وأسر آخرون فاعتقلوا بالكرك، وجرت أمور منكرة، ثم بعدها تعرض العسكر راجعين إلى بلادهم لم ينالوا مرادهم منها، وذلك أنهم رقهم البرد الشديد وقلة الزاد، وحاصروا أولئك شديدا بلا فائدة فان البلد بريد متطاولة ومجانيق، ويشق على الجيش الاقامة هناك في كوانين، والمنجنيق الّذي حملوه معهم كسر، فرجعوا ليتأهّبوا لذلك.

ولما كان في يوم الأربعاء الخامس والعشرين منه قدم من الديار المصرية على البريد القاضي بدر الدين بن فضل الله كاتبا على السر عوضا عن أخيه القاضي شهاب الدين، ومعه كتاب بالاحتياط على حواصل أخيه شهاب الدين، وعلى حواصل القاضي عماد الدين ابن الشيرازي المحتسب، فاحتيط على أموالهما وأخرج من في ديارهما من الحرم، وضربت الأخشاب على الأبواب، ورسم على المحتسب بالعذراوية، فسأل أن يحول إلى دار الحديث الأشرفية فحول إليها. وأما القاضي شهاب الدين، فكان قد خرج ليلتقى الأمير سيف الدين تغردمر الحموي، الّذي جاء تقليده بنيابة الشام بدمشق وكان بحلب، وجاء هذا الأمر وهو في أثناء الطريق، فرسم برجعته ليصادر هو والمحتسب، ولم يدر الناس ما ذنبهما.

وفي يوم الأحد ثامن شهر رجب آخر النهار رجع قاضى القضاة تقى الدين السبكى إلى دمشق على القضاء، ومعه تقليد بالخطابة أيضا، وذهب الناس اليه للسلام عليه، ودخل نائب السلطنة

<<  <  ج: ص:  >  >>