وَأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ قَدْ شَغَلَهُ عَنْ عبادة ربه فانساب ذات ليلة من قصره وأصبح في مملكة غيره وأتى ساحل البحر فكان بِهِ يَضْرِبُ اللَّبِنَ بِالْأَجْرِ فَيَأْكُلُ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ ولم يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى رَقِيَ أَمْرُهُ إِلَى مِلْكِهِمْ فأرسل اليه فأبى أن يأتيه فركب اليه الملك فلما رآه ولى هاربا فركض في أثره فلم يدركه فَنَادَاهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنِّي بَأْسٌ فَقَامَ حَتَّى أَدْرَكَهُ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ أَنَا فُلَانُ بن فلان صاحب مملكة كذا وكذا ففكرت في أمرى فعلمت انما أنا فيه منقطع وأنه قد شغلني عن عبادة ربى عز وجل فتركته وجئت هاهنا أعبد ربى فقال له ما أنت بأحوج لما صنعت منى قال فنزل عن دابته فسيبها وتبعه فَكَانَا جَمِيعًا يَعْبُدَانِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَدَعَوَا الله أن يميتهما جميعا فماتا. قال عبد الله فلو كنت برملية مِصْرَ لَأَرَيْتُكُمْ قُبُورَهُمَا بِالنَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.