ركب هو ونائب السلطنة بعد العشاء الأخيرة في المشاعل، والحجبة بين أيديهما ولخلائق يدعون لنائبهم، واستمروا كذلك ذاهبين إلى الديار المصرية، فأكرمه يلبغا وأنعم عليه وسأله أن يكون ببلاد حلب، فأجابه إلى ذلك وعاد فنزل بدار سنجر الإسماعيلي، وارتحل منها إلى حلب، وقد اجتمعت به هنالك وتأسف الناس عليه، وناب في الغيبة الأمير سيف الدين زبالة، إلى أن قدم النائب المعز السيفي قشتمر عبد الغنى على ما سيأتي. وتوفى القاضي شمس الدين بن منصور الحنفي الّذي كان نائب الحكم ﵀ يوم السبت السادس والعشرين من المحرم، ودفن بالباب الصغير، وقد قارب الثمانين.
وفي هذا اليوم أو الّذي بعده توفى القاضي شهاب الدين أحمد ابن الوزوازة ناظر الأوقاف بالصالحية. وفي صبيحة يوم الجمعة ثالث صفر نودي في البلد أن لا يتخلف أحد من أجناد الحلقة عن السفر إلى بيروت، فاجتمع الناس لذلك فبادر الناس والجيش ملبسين إلى سطح المزة، وخرج ملك الأمراء أمير على كان نائب الشام من داره داخل باب الجابية في جماعته ملبسين في هيئة حسنة وتجمل هائل، وولده الأمير ناصر الدين محمد وطلبه معه، وقد جاء نائب الغيبة والحجبة إلى بين يديه إلى وطاقه وشاوروه في الأمر، فقال: ليس لي هاهنا أمر، ولكن إذا حضر الحرب والقتال فلي هناك أمر، وخرج خلق من الناس متبرعين، وخطب قاضى القضاة تاج الدين الشافعيّ بالناس يوم الجمعة على العادة، وحرض الناس على الجهاد، وقد ألبس جماعة من غلمانه اللأمة والخوذ وهو على عزم المسير مع الناس إلى بيروت ولله الحمد والمنة. ولما كان من آخر النهار رجع الناس إلى منازلهم وقد ورد الخبر بأن المراكب التي رئيت في البحر إنما هي مراكب تجار لا مراكب قتال، فطابت قلوب الناس، ولكن ظهر منهم استعداد عظيم ولله الحمد.
وفي ليلة الأحد خامس صفر قدم بالأمير سيف الدين شرشى الّذي كان إلى آخر وقت نائب حلب محتاطا عليه بعد العشاء الآخرة إلى دار السعادة بدمشق، فسير معزولا عن حلب إلى طرابلس بطالا، وبعث في سرجين صحبة الأمير علاء الدين بن صبح.
وبلغنا وفاة الشيخ جمال الدين بن نباتة حامل لواء شعراء زمانه بديار مصر بمرستان الملك المنصور قلاوون، وذلك يوم الثلاثاء سابع صفر من هذه السنة رحمه الله تعالى. وفي ليلة ثامنه هرب أهل حبس السد من سجنهم وخرج أكثرهم فأرسل الولاة صبيحة يومئذ في أثرهم فمسك كثير ممن هرب فضربوهم أشد الضرب، وردوهم إلى شر المنقلب.
وفي يوم الأربعاء خامس عشره نودي بالبلدان أن لا يعامل الفرنج البنادقة والحبوبة والكيتلان واجتمعت في آخر هذا اليوم بالأمير زين الدين زبالة نائب الغيبة النازل بدار الذهب فأخبرني أن