للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ ثم شرع ابن إسحاق وابن هشام يتكلمان على تفسير هذه السورة والتي بعدها وقد بسطنا القول في ذلك في كتابنا التفسير بما فيه كفاية إن شاء الله تعالى وله الحمد والمنة قال ابن هشام الأبابيل الجماعات ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه. قال وأما السجيل فأخبرني يونس النحويّ وأبو عبيدة انه عند العرب الشديد الصلب. قال وزعم بعض المفسرين انهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة وانها سنج وجل (١) فالسنج الحجر والجل الطين. يقول الحجارة من هذين الجنسين الحجر والطين. قال والعصف ورق الزرع الّذي لم يقصب. وقال الكسائي سمعت بعض النحويين يقول واحد الأبابيل أبيل وقال كثيرون من السلف الأبابيل الفرق من الطير التي يتبع بعضها بعضا من هاهنا وهاهنا. وعن ابن عباس كان لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كاكف الكلاب وعن عكرمة كانت رءوسها كرءوس السباع خرجت عليهم من البحر وكانت خضرا. وقال عبيد بن عمير كانت سودا بحرية في مناقيرها واكفها الحجارة. وعن ابن عباس كانت أشكالها كعنقاء مغرب وعن ابن عباس كان أصغر حجر منها كرأس الإنسان ومنها ما هو كالإبل. وهكذا ذكره يونس بن بكير عن ابن إسحاق. وقيل كانت صغارا والله أعلم.

وقال ابن أبى حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن عبد الله بن أبى شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى سفيان عن عبيد بن عمير قال لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار حجرين في رجليه وحجرا في منقاره قال فجاءت حتى صفت على رءوسهم. ثم صاحت وألقت ما في رجليها ومناقيرها. فما يقع حجر على رأس رجل الا خرج من دبره. ولا يقع على شيء من جسده الا خرج من الجانب الآخر. وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا وقد تقدم أن ابن إسحاق قال وليس كلهم اصابته الحجارة يعنى بل رجع منهم راجعون إلى اليمن حتى أخبروا أهلهم بما حل بقومهم من النكال وذكروا أن ابرهة رجع وهو يتساقط أنملة أنملة فلما وصل إلى اليمن انصدع صدره فمات لعنه الله. وروى ابن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبى بكر عن سمرة عن عائشة قالت لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان. وتقدم أن سائس الفيل كان اسمه أنيسا فاما قائده فلم يسم والله أعلم.

وذكر النقاش في تفسيره أن السيل احتمل جثثهم فألقاها في البحر. قال السهيليّ وكانت قصة الفيل


(١) أصله (سنك وكل) ولما لم تتلفظ العرب بالكاف بدلوها بالجيم فقالوا سنج وجل وركبوهما كلمة واحدة فهي مستعربة انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>