للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول المحرم من سنة ست وثمانين وثمانمائة (١) من تاريخ ذي القرنين.

قلت وفي عامها ولد رسول الله على المشهور. وقيل كان قبل مولده بسنين كما سنذكر إن شاء الله تعالى وبه الثقة.

ثم ذكر ابن إسحاق ما قالته العرب من الأشعار في هذه الكائنة العظيمة التي نصر الله فيها بيته الحرام الّذي يريد أن يشرفه ويعظمه ويطهره ويوقره ببعثة محمد وما يشرع له من الدين القويم الّذي أحد أركانه الصلاة بل عماد دينه وسيجعل قبلته إلى هذه الكعبة المطهرة ولم يكن ما فعله بأصحاب الفيل نصرة لقريش إذ ذاك على النصارى الذين هم الحبشة: فان الحبشة إذ ذاك كانوا أقرب لها من مشركي قريش وإنما كان النصر للبيت الحرام وإرهاصا وتوطئة لبعثة محمد . فمن ذلك ما قاله عبد الله بن الزبعري السهمي

تنكلوا (٢) عن بطن مكة انها … كانت قديما لا يرام حريمها

لم تخلق الشعرى ليالي حرمت … إذ لا عزيز من الأنام يرومها

سائل أمير الحبش عنها ما رأى … فلسوف ينبى الجاهلين عليمها

ستون ألفا لم يؤبوا أرضهم … بل لم يعش بعد الإياب سقيمها

كانت بها عاد وجرهم قبلهم … والله من فوق العباد يقيمها

ومن ذلك قول أبى قيس بن الاسلت الأنصاري المدني:

ومن صنعه يوم فيل الحبوش … إذ كلما بعثوه رزم

محاجنهم تحت أقرابه … وقد شرموا أنفه فانخرم

وقد جعلوا سوطه مغولا … إذا يمموه قفاه كلم

فولى وأدبر أدراجه … وقد باء بالظلم من كان ثم

فأرسل من فوقهم حاصبا … فلفهم مثل لف القزم

تحض على الصبر أحبارهم … وقد ثأجوا كثؤاج الغنم

ومن ذلك قول أبى الصلت ربيعة بن أبى ربيعة وهب بن علاج الثقفي قال ابن هشام ويروى لامية ابن أبى الصلت:

إن آيات ربنا ثاقبات … ما يمارى فيهن الا الكفور

خلق الليل والنهار فكل … مستبين حسابه مقدور


(١) كذا بالأصل والّذي في السهيليّ سنة اثنتين وثمانين إلخ انتهى.
(٢) قوله تنكلوا كذا بالأصل وفي سيرة ابن هشام المطبوعة باللام. لكن في تفسير غريبها للخشنى تنكبوا بالباء. قال أي ارجعوا خوفا منها. تقول نكبت فلانا عن الشيء إذا صرفته عنه صرف هيبة وخوف

<<  <  ج: ص:  >  >>