للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجلت منه من منقلبي قلت وهل لك من منقلب. قال: أي والله لأموتن ثم لأحيين قال قلت هل أنت قابل أمانتى قال على ماذا قلت على أنك لا تبعث ولا تحاسب قال فضحك ثم قال: بلى! والله يا أبا سفيان لنبعثن ثم لنحاسبن وليدخلن فريق الجنة وفريق النار. قلت: ففي أيهما أنت أخبرك صاحبك قال لا علم لصاحبي بذلك لا فىّ ولا في نفسه قال فكنا في ذلك ليلتين يعجب منى وأضحك منه حتى قدمنا غوطة دمشق فبعنا متاعنا وأقمنا بها شهرين فارتحلنا حتى نزلنا قرية من قرى النصارى فلما رأوه جاءوه واهدوا له وذهب معهم الى بيعتهم (١) فما جاء الا بعد منتصف النهار فلبس ثوبيه وذهب اليهم حتى جاء بعد هدأة من الليل فطرح ثوبيه ورمى بنفسه على فراشه فو الله ما نام ولا قام وأصبح حزينا كئيبا لا يكلمنا ولا نكلمه. ثم قال: الا ترحل قلت بلى ان شئت فرحلنا كذلك من بثه وحزنه ليالي (٢). ثم قال لي:

يا أبا سفيان هل لك في المسير لنتقدم أصحابنا قلت هل لك فيه قال نعم! فسرنا حتى برزنا من أصحابنا ساعة ثم قال: هيا صخر. فقلت: ما تشاء؟ قال حدثني عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المظالم والمحارم قلت: إي والله قال: ويصل الرحم ويأمر بصلتها. قلت إي والله! قال وكريم الطرفين وسط في العشيرة قلت نعم! قال فهل تعلم قرشيا أشرف منه؟ قلت لا والله لا أعلم قال أمحوج هو قلت لا بل هو ذو مال كثير قال وكم أتى عليه من السن فقلت قد زاد على المائة قال فالشرف والسن والمال أزرين به قلت ولم ذاك يزرى به لا والله بل يزيده خيرا قال هو ذاك. هل لك في المبيت قلت لي فيه قال فاضطجعنا حتى مر الثقل قال فسرنا حتى نزلنا في المنزل وبتنا به ثم ارتحلنا منه فلما كان الليل قال لي يا أبا سفيان قلت ما تشاء قال هل لك في مثل البارحة قلت هل لك فيه قال: نعم فسرنا على ناقتين بختيتين حتى إذا برزنا قال: هيا صخر، هيه عن عتبة بن ربيعة قال قلت هيها فيه قال أيجتنب المحارم والمظالم ويصل الرحم ويأمر بصلتها قلت إي والله انه ليفعل قال وذو مال قلت وذو مال قال أتعلم قرشيا أسود منه قلت: لا والله ما أعلم؟ قال كم أتى له من السن قلت قد زاد على المائة قال فان السن والشرف والمال أزرين به قلت كلا والله ما ازرى به ذلك وأنت قائل شيئا فقله. قال لا تذكر حديثي يأتى منه ما هو آت ثم قال فان الّذي رأيت أصابنى أنى جئت هذا العالم فسألته عن أشياء ثم قلت أخبرنى عن هذا النبي الّذي ينتظر قال هو رجل من العرب قلت قد علمت أنه من العرب فمن أي العرب هو قال من أهل بيت تحجه العرب قلت وفينا بيت تحجه العرب قال هو من إخوانكم من قريش فأصابني والله شيء ما أصابني مثله قط وخرج من يدي فوز الدنيا والآخرة وكنت أرجو ان أكون إياه قلت فإذا كان ما كان فصفه لي قال رجل شاب حين دخل في الكهولة. بدوّ أمره يجتنب المظالم والمحارم ويصل الرحم ويأمر بصلتها وهو محوج كريم الطرفين متوسط في العشيرة أكثر جنده من الملائكة قلت وما آية ذلك قال قد رجفت الشام منذ هلك عيسى بن مريم ثمانين رجفة كلها


(١) في ابن عساكر الى بيوتهم
(٢) كذا في الأصل: ولعلها: فرحلنا كذلك وهو في بثه إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>