قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن أبى حبيب عن رجل من عبد القيس عن سلمان أنه قال لما قلت وأين تقع هذه من الّذي على يا رسول الله؟ أخذها رسول الله ﷺ فقلبها على لسانه، ثم قال:«خذها فأوفهم منها» فأخذتها فاوفيتهم منها حقهم كله أربعين أوقية.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة حدثني من لا أتهم عن عمر بن عبد العزيز ابن مروان قال حدثت عن سلمان انه قال لرسول الله ﷺ حين أخبره أن صاحب عمّورية قال له:
ايت كذا وكذا من أرض الشام، فان بها رجلا بين غيضتين يخرج كل سنة من هذه الغيضة مستجيزا يعترضه ذوو الأسقام فلا يدعو لأحد منهم إلا شفى فاسأله عن هذا الدين الّذي تبتغي فهو يخبرك عنه.
قال سلمان فخرجت حتى جئت حيث وصف لي فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هناك حتى يخرج لهم تلك الليلة مستجيزا من احدى الغيضتين الى الأخرى. فغشيه الناس بمرضاهم لا يدعو لمريض الا شفى وغلبوني عليه فلم أخلص اليه حتى دخل الغيضة التي يريد ان يدخل الا منكبه. قال فتناولته فقال من هذا؟ والتفت الى قال قلت يرحمك الله أخبرنى عن الحنيفية دين إبراهيم، قال انك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم، قد أظلك زمان نبي يبعث بهذا الدين من أهل الحرم، فأته فهو يحملك عليه.
ثم دخل فقال رسول الله ﷺ لسلمان:«لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم» هكذا وقع في هذه الرواية. وفيها رجل مبهم وهو شيخ عاصم بن عمر بن قتادة. وقد قيل إنه الحسن ابن عمارة ثم هو منقطع بل معضل بين عمر بن عبد العزيز وسلمان ﵁. قوله لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم غريب جدا بل منكر. فان الفترة أقل ما قيل فيها انها أربعمائة سنة، وقيل ستمائة سنة بالشّمسية، وسلمان أكثر ما قيل انه عاش ثلاثمائة سنة وخمسين سنة. وحكى العباس ابن يزيد البحراني اجماع مشايخه على أنه عاش مائتين وخمسين سنة. واختلفوا فيما زاد الى ثلاثمائة وخمسين سنة والله أعلم. والظاهر أنه قال لقد لقيت وصى عيسى بن مريم فهذا ممكن بالصواب.
وقال السهيليّ: الرجل المبهم هو الحسن بن عمارة وهو ضعيف وإن صح لم يكن فيه نكارة. لان ابن جرير ذكر أن المسيح نزل من السماء بعد ما رفع فوجد أمه وامرأة أخرى يبكيان عند جذع المصلوب فأخبرهما أنه لم يقتل وبعث الحواريين بعد ذلك. قال وإذا جاز نزوله مرة جاز نزوله مرارا ثم يكون نزوله الظاهر حين يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويتزوج حينئذ امرأة من بنى جذام وإذا مات دفن في حجرة روضة رسول الله ﷺ.
وقد روى البيهقي في كتاب دلائل النبوة قصة سلمان هذه من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق كما تقدم ورواها أيضا عن الحاكم عن الأصم عن يحيى بن أبى طالب. حدثنا على بن عاصم حدثنا حاتم بن أبى صفرة عن سماك بن حرب عن يزيد بن صوحان أنه سمع سلمان يحدث كيف كان أول