«نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مَنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ» وَزَادَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي آخِرِهِ: فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ وَبِهِ خُتِمَتِ النُّبُوَّةُ. وَهُوَ السَّابِقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَكْتُوبٍ فِي النُّبُوَّةِ وَالْعَهْدِ. ثُمَّ قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْفَضِيلَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النُّبُوَّةَ قَبْلَ تَمَامِ خَلْقِ آدَمَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِيجَابُ هُوَ مَا أَعْلَمَ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ وَقَضَائِهِ مِنْ بِعْثَتِهِ لَهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَهَذَا الْكَلَامُ يُوَافِقُ مَا ذَكَرْنَاهُ وللَّه الْحَمْدُ وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ- وَفِيهِ كَلَامٌ- عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا اقْتَرَفَ آدَمُ الْخَطِيئَةَ قَالَ:
يَا رَبِّ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إِلَّا غَفَرْتَ لِي، فَقَالَ اللَّهُ: يَا آدَمُ كَيْفَ عَرَفْتَ مُحَمَّدًا وَلَمْ أَخْلُقْهُ بَعْدُ؟ فَقَالَ يَا رَبِّ لِأَنَّكَ لَمَّا خَلَقْتَنِي بِيَدِكَ وَنَفَخْتَ فِيَّ مَنْ رُوحِكَ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَرَأَيْتُ عَلَى قَوَائِمِ الْعَرْشِ مَكْتُوبًا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَعَلِمْتُ أَنَّكَ لَمْ تُضِفْ إِلَى اسْمِكَ إِلَّا أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْكَ. فَقَالَ اللَّهُ صَدَقْتَ يَا آدَمُ إِنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ وَإِذْ قَدْ سَأَلْتَنِي بِحَقِّهِ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ وَلَوْلَا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُكَ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي؟ قالُوا أَقْرَرْنا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ٣: ٨١- ٨٢ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا أُخِذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقُ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَيٌّ لِيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلِيَنْصُرُنَّهُ [وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهْمُ أَحْيَاءٌ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلِيَنْصُرُنَّهُ] [١] وَهَذَا تَنْوِيهٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى شَرَفِهِ وَعَظَمَتِهِ فِي سَائِرِ الْمِلَلِ وَعَلَى أَلْسِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِعْلَامٌ لَهُمْ وَمِنْهُمْ بِرِسَالَتِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ. وَأَنَّهُ أَكْرَمُ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ. وَقَدْ أَوْضَحَ أَمْرَهُ وَكَشَفَ خَبَرَهُ وَبَيَّنَ سِرَّهُ، وَجَلَّى مَجْدَهُ وَمَوْلِدَهُ وَبَلَدَهُ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٢: ١٢٩ فَكَانَ أَوَّلُ بَيَانِ أَمْرِهِ عَلَى الْجَلِيَّةِ وَالْوُضُوحِ بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ أَكْرَمِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى اللَّهِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ. وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا الْفَرَجُ- يَعْنِي ابْنَ فَضَالَةَ- حَدَّثَنَا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ؟ قَالَ «دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ» تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ
[١] هذه الجملة ليست في المصرية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute