وذكر أن خاله قال: كنت جالسا عند النبي ﷺ إذ شخص بصره إلى رجل فإذا يهودي عليه قميص وسراويل ونعلان. قال فجعل النبي ﷺ يكلمه وهو يقول: يا رسول الله. فقال رسول الله ﷺ» أتشهد أنى رسول الله؟» قال لا. قال رسول الله ﷺ«أتقرأ التوراة؟» قال نعم قال «أتقرأ الإنجيل؟» قال نعم. قال «والقرآن؟» قال لا. ولو تشاء قرأنه. فقال النبي ﷺ«فبم تقرأ التوراة والإنجيل، أتجدني نبيا؟» قال إنا نجد نعتك ومخرجك. فلما خرجت رجونا أن تكون فينا. فلما رأيناك عرفناك انك لست به. قال رسول الله ﷺ«ولم يا يهودي؟» قال: إنا نجده مكتوبا، يدخل من أمته الجنة سبعون ألفا بغير حساب، ولا نرى معك إلا نفرا يسيرا. فقال رسول الله ﷺ«إن أمتى لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا». هذا حديث غريب من هذا الوجه، ولم يخرجوه.
وقال محمد بن إسحاق عن سالم مولى عبد الله بن مطيع عن أبى هريرة قال: أنى رسول الله ﷺ[يهود] فقال «أخرجوا أعلمكم» فقالوا عبد الله بن صوريا، فخلا به رسول الله ﷺ، فناشده بدينه، وما أنعم الله به عليهم، وأطعمهم من المنّ والسلوى، وظللهم به من الغمام «أتعلمني رسول الله؟» قال اللهمّ نعم.
وان القوم ليعرفون ما أعرف، وأن صفتك ونعتك لمبين في التوراة. ولكنهم حسدوك. قال «فما يمنعك أنت؟» قال أكره خلاف قومي. وعسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم.
وقال سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبى محمد عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول كتب رسول الله ﷺ إلى يهود خيبر «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صاحب موسى، وأخيه، والمصدق بما جاء به موسى، ألا إن الله قال لكم يا معشر يهود وأهل التوراة، إنكم تجدون ذلك في كتابكم: إن محمدا ﴿رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ. ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفّارَ. وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾. وإني أنشدكم بالله وبالذي أنزل عليكم، وأنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسلافكم وأسباطكم المن والسلوى، وأنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاكم من فرعون وعمله إلا أخبرتمونا هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمد؟ فان كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم، قد تبين الرشد من الغي. وأدعوكم إلى الله وإلى نبيه ﷺ».
وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب المبتدإ عن سعيد بن بشير عن قتادة عن كعب الأحبار، وروى غيره عن وهب بن منبه أن بخت نصّر بعد أن خرب بيت المقدس واستذل بنى إسرائيل بسبع سنين رأى في المنام رؤيا عظيمة هالته فجمع الكهنة والحزر، وسألهم عن رؤياه تلك. فقالوا ليقصها الملك حتى نخبره بتأويلها. فقال: إني نسيتها، وإن لم تخبرونى بها إلى ثلاثة أيام قتلتكم عن آخركم. فذهبوا